الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص451
والوجه الثاني : لا يضمنها ، لأنه غير متعد بالإمساك فكانت حالة أخف من الغاصب المعتدي ، فعلى هذا يضمن زيادة البدن ولا يضمن زيادة السوق .
وإذا قلنا بقوله في الجديد : أن الرجوع يكون بمهر المثل فلتلفه أربعة أحوال :
أحدها : أن يكون بحادث سماء ، فيبطل فيه الصداق ، ويستحق فيه مهر المثل .
والحال الثانية : أن تستهلكه الزوجة في يد الزوج ، فيكون ذلك قبضاً منها . ولا مهر لها . كمن اشترى سلعة واستهلكها في يد بائعها كان استهلاكه قبضاً .
والحال الثالثة : أن يستهلكه أجنبي ففي بطلان الصداق فيه قولان مبنيان على اختلاف قوليه فيمن ابتاع عبداً فقتله أجنبي في يد بائعه ففي بطلان البيع قولان :
أحدهما : قد بطل .
والثاني : أنه صحيح ومشتريه بالخيار :
كذلك هاهنا ، لأنه مضمون على متلفه ، فيكون في بطلانه قولان :
أحدهما : قد بطل ولها على الزوج مهر مثلها ، ويرجع الزوج على متلفه بالقيمة .
والقول الثاني : أنه لا يبطل ، وتكون الزوجة بحدوث النقص بتلفه مخيرة بين المقام والفسخ .
فإذا أقامت كانت لها قيمة الصداق ترجع به على من شاءت من الزوج أو المستهلك .
وإن فسخت رجعت على الزوج بمهر المثل ، ورجع الزوج على المستهلك بالقيمة .
والحال الرابعة : أن يستهلكه الزوج ، فقد اختلف أصحابنا في استهلاكه هل يجري مجرى حادث سماء ، أو مجرى استهلاك أجنبي على وجهين :
أحدهما : أنه يجري مجرى تلفه بحادث سماء ، فعلى هذا يبطل فيه الصداق ، ويلزمه مهر المثل .
والوجه الثاني : أنه يجري مجرى استهلاك أجنبي فعلى هذا ، يبطل فيه الصداق أم لا ؟ على ما ذكرنا من القولين .
غير أنه استدل من مذهب الشافعي بما لا دليل فيه . وهو أنه حكى عن الشافعي في كتاب الخلع أنه لو أصدقها داراً فاحترقت قبل قبضها كان لها الخيار في أن ترجع بمهر مثلها أو تكون لها العرصة بحصتها من المهر .
وهذا لا دليل فيه ، لأنه أحد قوليه وهو في القول الثاني ترجع بالقيمة .