الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص429
والقول الثاني : أنها ترجع بقسط ذلك من مهر المثل فتصير مستوفية للنصف من صداق مهر المثل فعلى هذا يكون لها الخيار بين هذا وبين أن تفسخ وترجع بنصف مهر المثل ، وقد ذكرنا هذا في كتاب الزكاة فهذا حكم النقصان إذا كان متميزاً .
والضرب الثاني أن يكون النقصان غير متميز كالعبد إذا كان سميناً فهزل ، أو صحيحاً فمرض ، أو بصيراً فعمي ، فلها الخيار ، سواء قل العيب أو كثر .
وقال أبو حنيفة : لا خيار لها إلا أن يتفاحش العيب .
احتجاجاً : بأنها إذا ردت الصداق بالعيب اليسير رجعت بقيمته سليماً ، وقد يخطئ المقومان فيقومانه صحيحاً بقيمته مع يسير العيب ، لأن يسير العيب لا يأخذ من القيمة إلا يسيراً ، فعفى عن يسير العيب ، لأنه لا يتحقق استدراكه ، ولم يعف عن كثيره ، لأنه يتحقق استدراكه ، ولم يعف في البيع عن يسيره ولا كثيره ؛ ولأنه قد تحقق استدراكه في الرجوع بالثمن دون القيمة .
ودليلنا هو أن ما جاز رده بكثير العيب ، جاز رده بيسيره ، كالثمن ؛ ولأنه عيب يجوز به الرد في البيع فجاز به الرد في الصداق كالكثير .
فأما الجواب عما ذكره فهو أننا نوجب مع الرد مهر المثل ، في أصح القولين ، دون القيمة .
ثم لو وجب الرجوع بالقيمة لاقتضى أن يحمل التقويم على الصواب دون الخطأ ، وعلى فرق المقوم بين السليم والمعيب .
فإذا تقرر ما ذكرنا ، فلا يخلو ذلك من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون ذلك بحادث سماء .
والثاني : أن يكون بجناية الزوج .
والثالث : أن يكون بجناية أجنبي .
فإن كان بحادث سماء كهزال السمين ، ومرض الصحيح ، فإن سمحت بنقصه أخذته ناقصاً إن طلقت بعد الدخول ، ونصفه إن طلقت قبله ولا خيار للزوج فيما حصل له من نصفه الناقص ، لأنه مضمون عليه .
وإن لم تسمح بنقصه كان خيارها في الفسخ معتبراً بما ترجع به لو فسخت .
فإن قيل : إنها ترجع بقيمته فلا خيار لها في الفسخ ، وتأخذه ناقصاً مع أرش نقصه إن طلقت بعد الدخول ، ونصفه ونصف أرشه إن طلقت قبله . وإنما سقط خيارها في الفسخ ؛ لأن أخذه ناقصاً مع الأرش أخص بحقها من العدول عنه إلى قيمته .
وإن قيل : لو فسخت رجعت بمهر المثل فلها الخيار في الفسخ أو المقام . فإن فسخت