الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص419
قال الماوردي : وهذا كما قال : الزوجة مالكة لجميع الصداق بنفس العقد . وهو قول أبي حنيفة .
وقال مالك : قد ملكت بالعقد نصفه وبالدخول باقيه .
استدلالاً بأنه لو طلقها قبل الدخول لم يكن لها إلا نصفه ، ولو كانت مالكة لجميعه ما زال ملكها عن نصفه إلا بعقد ، فدل على أنها لم تملك منه إلا النصف .
أو لأنه لو كان ملك الصداق مقابلاً لملك البضع لتساويا في التأجيل والتنجيم حتى يجوز تأجيل البضع وتنجيمه كما يجوز في الصداق .
أو لا يجوز في الصداق كما لا يجوز في البضع ، فلما اختص الصداق بجواز التأجيل والتنجيم دون البضع اختص بتمليك البعض وإن ملك جميع البضع .
ودليلنا قول الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) ( النساء : 4 ) وفي ذلك دليلان :
أحدهما : إضافة جميع الصداق إليهن ، فاقتضى أن يكون ملك جميعه لهن .
والثاني : أمره بدفع جميعه إليهن ، فاقتضى أن يكون جميعه حقاً لهن .
ولأن الزوج قد ملك بالعقد جميع البضع فوجب أن تملك عليه بالعقد جميع المهر ، كما أن المشتري لها ملك بالعقد جميع المبيع ملك عليه جميع الثمن .
ويتحرر منه قياسان :
أحدهما : أنه عقد تضمن بدلاً ومبدلاً فوجب أن يكون ملك البدل في مقابلة ملك المبدل كالبيع .
والثاني : أنه أحد بدلي العقد فوجب أن يكون مملوكاً بالعقد كالبضع .
ولأنه لما كان لها المطالبة بجميعه قبل الدخول وحبس نفسها به إن امتنع وأن تضرب بجميعه مع غرمائه إن أفلس ، دل على أنها مالكة لجميعه ؛ لأنه لا يجوز أن يثبت لها حقوق الملك مع عدم الملك .