الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص410
إذا تزوج الذمي على أن يعلمها التوراة والإنجيل ، كان صداقاً فاسداً ، لأنهما قد غيرا وبدلا فإن تحاكما إلينا قبل التعليم أبطلناه ، وإن تحاكما بعد التعليم أمضيناه كما لو أصدقها خمراً أو خنزيراً فتقابضاه .
ولو تزوج مسلم ذمية على تعليم التوراة والإنجيل ، أبطلناه قبل التعليم وبعده .
والفرق بين المسلم والذمي : أن أهل الذمة يرونه جائزاً فأمضى منه ما تقابضاه ، ونحن نراه باطلاً فأبطلناه وإن تقابضاه .
وإذا تزوجها على تعليم الشعر : فإن كان الشعر غير معين لم يجز وكان صداقاً فاسداً للجهالة به ، وإن كان معيناً نظر : فإن كان هجاء وفحشاً لم يجز وكان لها مهر المثل ، وإن كان زهداً وحكماً وأمثالاً وأدباً جاز أن يكون صداقاً .
حكي أن المزني سئل عن تعليم الشعر أيجوز أن يكون صداقاً .
فقال إن كان كقول الشاعر :
وقال النبي ( ص ) : ‘ إن من الشعر لحكمةً وإن من البيان لسحراً ‘ جاز أن يكون صداقاً ، والله أعلم .
قال الماوردي : يجوز أن تكون منافع العبد والحر صداقاً لزوجته ، مثل أن يتزوجها على أن يخدمها شهراً ، أو يبني لها داراً ، أو يخيط لها ثوباً ، أو يرعى لها غنماً .
وقال مالك : لا يجوز أن تكون منافع الحر والعبد صداقاً .
وقال أبو حنيفة : يجوز أن تكون منافع العبد صداقاً ، ولا يجوز أن تكون منافع الحر صداقاً .
استدلالاً بقول الله تعالى : ( وَأَحَلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) ( النساء : 24 ) وليس هذا مال فيصح ابتذال النكاح به ، ولأن تسليم المنفعة