الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص407
التعليم قد صار بتقدير المدة معلوماً ، وإن كان عينه مجهولاً ، فصار بمنزلة قوله على أن أخدمك شهراً فيجوز وإن لم يعين الخدمة ، كما يجوز إذا أطلق المدة وعين الخدمة ، ثم لها أن تأخذه بتعليم ما شاءت من القرآن لا بما شاء الزوج ، كمن استؤجر لخدمة شهر ، كان للمستأجر أن يستخدمه فيما شاء دون المؤجر .
فأما صفة التعليم ، فعليه أن يعلمها السورة آية بعد آية ، حتى إذا حفظت الآية عدل بها إلى ما بعدها حتى تختم السورة .
وليس عليه إذا حفظت السورة أن يدرسها إياها ؛ لأن التدريس من شروط الحفظ لا من شروط التعليم . فلو شرطت عليه حفظ القرآن لم يجز ؛ لأن حفظه إلى الله تعالى لا إليه .
وإذا كان كذلك فلها أربعة أحوال :
أحدها : أن يعلمها فتحفظ ما علمها بأيسر تعليم وأسهله فهو المقصود وقد وفى ما عليه .
والثاني : أن يعلمها فتتعلم في الحال ثم تنسى ما تعلمته ، فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تتعلم جميع السورة ثم تنساها ، فقد استقر التسليم ووفى ما عليه من التعليم ، فلا يلزمه أن يعلمها ثانية .
والقسم الثاني : أن يلقنها منه يسيراً لا يختص بالإعجاز كبعض آية ، فالتسليم لم يستقر ، وعليه أن يعلمها .
والقسم الثالث : أن يعلمها قدر ما يتعلق به الإعجاز ، ففيه وجهان :
أحدهما : أنه تسليم مستقر ؛ لجواز أن يكون هذا القدر بانفراده مهراً فعلى هذا لا يلزمه تعليمها ثانية .
والوجه الثاني : أنه تسليم غير مستقر ؛ لأنه بعض جملة غير متميزة ، فعلى هذا يلزمه تعليمها ثانية .
والحال الثالث : أن يعلمها فتكون بليدة ، قليلة الذهن ، لا تتعلم إلا بمشقة وعناء ، فهذا عيب ، يكون الزوج فيه مخيراً بين المقام عليه وبين أن يفسخ فيعدل إلى بدله ، وفي بدله قولان :
أحدهما : وهو القديم : أجرة مثل التعليم .
والقول الثاني : وهو الجديد : عليه مهر المثل . وسنذكر توجيه القولين من بعد .
والحالة الرابعة : أن تكون ممن لا تقدر على تعليم القرآن بحال ففي الصداق وجهان :