الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص406
فإن ذكر قراءة معينة لم يعدل بها إلى غيرها ، وإن أطلق ولم يعين ففي الصداق وجهان :
أحدها : أنه صداق باطل ؛ لاختلاف القراءات من الوجوه التي ذكرناها فصار مجهولاً كما لو أصدقها ثوباً ، فعلى هذا يكون لها مهر مثلها .
والوجه الثاني : أنه صداق جائز ؛ لأن كل قراءة تقوم مقام غيرها .
ولأن النبي ( ص ) قال : ‘ نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف ‘ ، وكما لو أصدقها قفيزاً من صبرة جاز وإن لم يعين مكانه من الصبرة لتماثلها ، فعلى هذا يكون فيما يلقنها به من الحروف وجهان :
أحدهما : وهو قول أصحابنا البصريين : أنه يلقنها بالأغلب من قراءة البلد ، كما لو أصدقها دراهم كانت من غالب دراهم البلد .
والوجه الثاني : وهو قول بعض أصحابنا البغداديين : أنه يلقنها بما شاء من القراءات المفردة أو بالجائز ؛ وأن كل قراءة تقوم مقام غيرها .
الحالة الثانية : أن يصدقها تعليم سورة من القرآن وإن أصدقها تعليم سورة من القرآن فلا يصح حتى تكون السورة معلومة ، لاختلاف السور بالطول والقصر ، وأن فيها المشتبه وغير المشتبه ، فإذا عين السورة كان الكلام في حروف القراءة على ما مضى .
الحالة الثالثة : أن يصدقها تعليم آيات من القرآن .
وإن أصدقها تعليم آيات من القرآن ، فصحة ذلك معتبرة بأربعة شروط :
أحدها : أن تكون السورة معلومة ، فإن كان مجهولة لم يجز ، وكان الصداق باطلاً .
والثاني : أن تكون الآيات من السورة معلومة مثل أن يقول : عشر آيات من أول سورة البقرة ، أو من رأس المائدة ، أو عشر الطلاق . فإن أطلق عشر آيات من سورة البقرة ففيه وجهان :
أحدهما : باطل للجهل بتعيينها .
والوجه الثاني : جائز ويتوجه ذلك إلى عشر آيات من أولها ، اعتباراً بعرف الإطلاق ، وأن النبي ( ص ) ، قال للرجل : ‘ قم فعلمها عشرين آية ‘ ولم يعين .
والشرط الثالث : أن يكون باذلاً أقصر سورة في القرآن وهي الكوثر ثلاث فصاعداً ليكون قدراً يختص بالإعجاز ، فإن كان أقل من ذلك لم يجز ، لأنه لا يختص بالإعجاز ، وتعيين القرآن يقتضي وجود الإعجاز .
والشرط الرابع : وهو حرف القراءة ، وذلك يختلف بحسب اختلاف الآيات المشروطة فإن كانت حروف القراءة فيها لا تختلف ، أو كان اختلافها يسيراً لا يؤثر في زيادة الحروف ونقصانها لم يلزم شرطه ، وإن كان بخلاف ذلك فهو على ما مضى من الوجهين .
فأما إن أصدقها أن يعلمها القرآن شهراً جاز ، وإن لم يعين السور والآيات ؛ لأن