پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص404

الله ( ص ) ، قد زوجتكها بما معك من القرآن ‘ وهذا نص .

وروى عطاء عن أبي هريرة أن امرأة جاءت رسول الله ( ص ) فعرضت نفسها عليه فقال : اجلسي بارك الله فيك ، ثم دعا رجلاً فقال : ‘ إني أريد أن أزوجكها إن رضيت ‘ ، فقال : ما رضيت لي يا رسول الله فقد رضيت فقال : ‘ هل عندك من شيء ؟ ‘ فقال : لا والله فقال : ‘ ما تحفظ من القرآن ؟ ‘ فقال : سورة البقرة والتي تليها فقال : ‘ قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك ‘ .

فإن قيل : وهو تأويل أبي جعفر الطحاوي معنى قوله : ‘ قد زوجتكها بما معك من القرآن ‘ ، أي لأجل فضيلتك بما معك من القرآن . قيل عن هذا جوابان :

أحدهما : أن النبي ( ص ) قال : ‘ التمس ولو خاتماً من حديدٍ ‘ ليكون صداقاً فلما لم يجد جعل القرآن بدلاً منه فاقتضى أن يكون صداقاً .

والثاني : أن هذا التأويل يدفعه حديث أبي هريرة لأنه قال : قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك .

فإن قالوا : هو تأويل مكحول أن هذا خاص لرسول الله ( ص ) قيل عنه جوابان :

أحدهما : أنه لم يكن رسول الله ( ص ) هو المتزوج بها ، فيصير مخصوصاً بذلك ، وإنما كان مزوجاً لها ، فلم يكن مخصوصاً .

والثاني : أن ما خص به رسول الله ( ص ) يحتاج إلى دليل يدل على تخصيصه وإلا كان فيه مشاركاً لأمته .

فإن قيل : فقوله : ‘ قد زوجتكها بما معك من القرآن ‘ مجهول ، وكذلك قوله في حديث أبي هريرة : ‘ قم فعلمها عشرين آيةً ‘ هي مجهولة ، ولا يجوز أن يجعل لها رسول الله ( ص ) صداقاً مجهولاً قيل عنه جوابان :

أحدهما : أنه كان معلوماً ؛ لأنه سأل الرجل عما معه من القرآن فذكر سوراً سماها فقال : زوجكتها بما معك من القرآن ، يعني السور المسماة ، وقوله في حديث أبي هريرة : ‘ عشرين آية ‘ يعني من السورة التي ذكرها ، وذلك يقتضي في الظاهر أن يكون من أولها فصار الصداق معلوماً .

والثاني : أن المقصود بهذا النقل جواز أن يكون تعليم القرآن صداقاً فاقتصر من الرواية على ما دل عليه وأمسك عن نقل ما عرف دليله من غيره .