الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص399
قيل : لو كان ذلك مخالفاً للعرف المعهود لنقل وليس في العرف أن يساوي نعلان في المدينة وخاتم من حديد عشرة دراهم .
على أن قوله : التمس ولو خاتماً من حديدٍ : على طريق التقليل ، ولو أراد ما ذكروه من الصفة المتقدرة لكان عدوله إلى العشرة المقدرة أسهل وأفهم فبطل هذا التأويل .
وورى يونس بن بكير عن صالح بن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لو أن رجلاً أعطى امرأةً صداقاً ملء يديه طعاماً كانت به حلالاً ‘ .
وروى قتادة عن عبد الله بن المؤمل عن جابر قال : إنا كنا لننكح المرأة على الحفنة أو الحفنتين من دقيق .
وروى قتادة عن أنس بن مالك قال : تزوج عبد الرحمن بن عوف امرأة من الأنصار على وزن نواة من ذهب قومت ثلاثة دراهم .
وهذه كلها نصوص لا يجوز خلافها .
ويدل عليه من طريق القياس : هو أن كل ما صلح أن يكون ثمناً صلح أن يكون مهراً كالعشرة ، ولأنه عقد ثبت فيه العشرة عوضاً فصح أن يثبت دونها عوضاً كالبيع ، ولأنه عوض على إحدى منفعتيها فلم يتقدر قياساً على أجرة منافعها ولأن ما يقابل البضع من البدل لا يقتدر في الشرع كالخلع ، ولأن كل عوض لا يتقدر أكثره لا يتقدر أقله قياساً على جميع الأعواض ، ولا يدخل عليه الجزية ، لأنها ليست عوضاً .
فأما الجواب عن الآية فمن وجهين :
أحدها : أن ظاهرها متروك بالإجماع ؛ لأنه لو نكحها بغير مهر حلت .
والثاني : أن ما دون العشرة مال . ألا تراه لو قال : له علي مال ثم بين درهماً أو دانقاً قبل منه ، فدلت الآية على جوازه في المهر .
وأما الجواب عن حديث جابر فمن وجهين :
أحدهما : أنه ضعيف ؛ لأنه رواية مبشر بن عبيد وهو ضعيف عن الحجاج بن أرطأة وهو مدلس .
وقد روينا عن جابر من طريق ثابتة قولاً مسنداً ، وفعلاً منتشراً ما ينافيه فدل على بطلانه .
والجواب الثاني : أنه يستعمل إن صح ، في امرأة بعينها كان مهر مثلها عشرة فحكم لها فيه بالعشرة .