الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص398
عبد الله قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ، ولا يزوج إلا الأولياء ، ولا مهر أقل من عشرة دراهم ‘ وهذا نص .
ولأنه مال يستباح به عضو فوجب أن يكون مقدراً كالنصاب في قطع السرقة .
ولأنه أحد بدلي النكاح فوجب أن يكون مقدراً كالبضع ، ولأن ما كان من حقوق العقد يقدر أقله كالشهود .
ودليلنا قول الله تعالى : ( وَإِنْ طَلَقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) ( البقرة : 237 ) .
ومن الآية دليلان :
أحدهما عام : وهو قوله : ( فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) فكان على عمومه ، من قليل أو كثير .
والثاني خاص : وهو أنه إذا فرض لها خمسة دراهم وطلقها قبل الدخول اقتضى أن يجب لها درهمان ونصف ، وعند أبي حنيفة يجب لها الخمسة كلها وهذا خلاف النص .
وروى عبد الرحمن بن البيلماني عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ أدوا العلائق ، قالوا يا رسول الله ، وما العلائق قال : ما تراضى به الأهلون ‘ فكان على عمومه فيما تراضوا به من قليل وكثير .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من استحل بدرهمين فقد استحل ‘ يعني فقد استحل بالدرهمين .
وروى أبو هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا جناح على امرئٍ أن يصدق امرأةً قليلاً أو كثيراً إذا أشهد وتراضو ‘ .
وروى عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة تزوجت على نعلين فقال لها رسول الله ( ص ) أرضيت من نفسك ومالك بهاتين النعلين ؟ فقالت نعم فأجازه .
وروى أبو حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله ( ص ) قال لرجل خطب منه المرأة التي بذلت نفسها له : ‘ التمس ولو خاتماً من حديدٍ ‘ .
والخاتم من الحديد أقل الجواهر قيمة ، فدل على جواز القليل من المهر فإن قيل : فقد يجوز أن يكون من حديد صيني يساوي عشرة دراهم ويكون ثمن النعلين عشرة دراهم