قال الشافعي : ‘ وفي قوله تعالى ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً ) ( النساء : 20 ) دليلٌ على أن لا وقت للصداق يحرم به لتركه النهي عن التكثير وتركه حد القليل وقال ( ص ) ‘ أدوا العلائق ‘ قيل يا رسول الله وما العلائق ؟ قال : ‘ ما تراضى به الأهلون ‘ قال ولا يقع اسم علق إلا على ماله قيمةٌ وإن قلت مثل الفلس وما أشبهه وقال ( ص ) لرجلٍ ‘ التمس ولو خاتماً من حديدٍ ‘ فالتمس فلم يجد شيئاً فقال ‘ هل معك شيءٌ من القرآن ؟ ‘ قال نعم سورة كذا وسورة كذا فقال ‘ قد زوجتكها بما معك من القرآن ‘ وبلغنا أن النبي ( ص ) قال ؛ ‘ من استحل بدرهم فقد استحل ‘ وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال في ثلاث قبضات زبيبٍ مهرٌ وقال ابن المسيب لو أصدقها سوطاً جاز وقال ربيعة قال درهمٌ قلت وأقل ؟ قال ونصف درهم قال قلت له فأقل ؟ قال نعم وحبة حنطةٍ أو قبضه حنطةٍ ( قال الشافعي ) فما جاز أن يكون ثمناً لشيءٍ أو مبيعاً بشيءٍ أو أجرةً لشيءٍ جاز إذا كانت المرأة مالكةً لأمرها ‘ .
قال الماوردي : الكلام في هذه المسألة يشتمل على فصلين :
أحدهما : في أكثر المهر .
والثاني : في أقله .
القول في أكثر الصداق
فأما أكثره فلا خلاف بين الفقهاء أنه لا حد له لقوله تعالى : ( وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً ) ( النساء : 20 ) وقد ذكرنا في القنطار سبعة أقاويل .
وحكى الشعبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام خطيباً فقال : لا تغالوا في صدقات النساء ، فما بلغني أن أحداً ساق أكثر مما ساقه رسول الله ( ص ) إلا جعلت الفضل في بيت المال . فاعترضته امرأة من نساء قريش فقالت : يعطينا الله وتمنعنا كتاب الله أحق أن يتبع ، قال الله تعالى : ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ) ( النساء : 20 ) فرجع عمر وقال : كل أحد يصنع بماله ما شاء ، فكل الناس أفقه من عمر حتى امرأة .