الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص395
وتحريره قياساً : أن كل ما تعلق بالمهر لم يؤثر في صحة النكاح قياساً على تركه .
فأما الجواب عن نكاح الشغار : فهو أنه لم يبطل بفساد المهر ، وإنما بطل بالتشريك على ما بينا .
وأما قياسه على البيع : فالمعنى فيه أنه يبطل بترك الثمن فبطل بفساده والنكاح لا يبطل بترك المهر فلم يبطل بفساده .
وأما استدلاله بأن البيع يبطل بفساد الخيار والأجل ، ولا يبطل بتركهما .
فالجواب عنه : أن الخيار والأجل قد قابلا جزءاً من الثمن ، بدليل أن الثمن في العرف يزيد بدخول الخيار والأجل ، فإذا بطلا أوجب بطلان ما قابلهما من الثمن فصار الباقي مجهولاً ، وجهالة الثمن تبطل البيع ، وليس فيما أفضى إلى فساد المهر أكثر من سقوطه ، وسقوطه لا يبطل النكاح .
فإذا ثبت صحة النكاح بجهالة المهر وتحريمه ، فالمهر باطل بالجهالة وكل جهالة منعت من صحة البيع منعت من صحة المهر .
وقال أبو حنيفة : إذا أصدقها عبداً غير معين ولا موصوف ؟ جاز ، وكان لها عبد سندي ؛ لأن الرومي أعلى والزنجي أدنى والسندي وسط ، فيحكم لها به ؟ لأنه أوسط العبيد .
احتجاجاً بأن المهر أحد عوض النكاح ، فجاز أن يكون مجهولاً كالبضع قال : ولأن جهالة مهر المثل أكثر من جهالة العبد ؛ لأن مهر المثل مجهول الجنس ، مجهول القدر ، مجهول الصفة ، والعبد معلوم الجنس معلوم القدر ، مجهول الصفة . فإذا جاز أن يجب فيه عندكم مهر المثل فلأن يجب العبد المسمى أولى .
ودليلنا أنها جهالة تمنع صحة البيع فوجب أن تمنع صحة الصداق ، أصله : إذا أصدقها ثوباً وافقنا أبو حنيفة على فساد الصداق بإطلاقه ولأنه عوض في عقد يبطل بجهالة الثوب فوجب أن يبطل بجهالة العبد كالبيع .
فأما الجواب عن قياسه على جهالة البضع فهو أن جهالة البضع تمنع من الصحة ، ألا ترى أنه لو كان له ثلاث بنات : كبرى ، وصغرى ، ووسطى وقال زوجتك بنتي وأطلق ، كان باطلاً ، ولم يجز أن يحمل على الوسطى كما لا يجوز أن يحمل على الكبرى والصغرى . كذلك إذا أصدقها عبداً وأطلق لم يجز أن يحمل على عبد وسط ، كما لا يجوز أن يحمل على أعلى وأدنى .
وأما ما استشهد به من جهالة مهر المثل ، فيفسد بجهالة الثوب ، ومهر المثل إنما أوجبناه ؛ لأنه قيمة متلف يجوز مثله في البيع إذا وجبت فيه قيمة متلف وإن جهلت