الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص386
وقال مالك وأبو حنيفة : الإسلام شرط معتبر في الحصانة ولا يرجم الكافر إذا زنا استدلالاً بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا حصان في الشرك ‘ .
وروي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ من أشرك بالله فليس بمحصن ‘ .
وروي أن حذيفة بن اليمان تزوج يهودية فقال له النبي ( ص ) : ‘ إنها لا تحصنك ‘ ولأن الإحصان منزلة كمال وتشريف يعتبر فيها نقص الرق ، فكان بأن يعتبر فيها نقص الكفر أولى ؛ ولأنه لما كان الإسلام معتبراً في حصانة القذف حتى لم يحد من قذف كافراً ، وجب أن يعتبر في حصانة الحد حتى لا يرجم الكافر إذا زنا ودليلنا ما روى الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) رجم يهوديين زنيا والرجم لا يجب إلا على محصن فدل على أنهما محصنان .
فإن قيل : فإنما رجمهما بالتوراة ولم يرجمهما بشريعته ؛ لأنه أحضر التوراة عند رجمهما فلما ظهرت فيها آية الرجم تلوح رجمهما حينئذ .
قيل : لا يجوز أن يحكم بغير ما أنزل الله تعالى عليه وقد قال تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ ) ( المائدة : 49 ) وإنما أحضر التوراة ؛ لأنه أخبرهم بأن فيها آية الرجم فأنكروا فأحضرها لإكذابهم .
فإن قيل : فيجوز أن يكون هذا قبل أن صار الإحصان شرطاً في الرجم فعنه جوابان :
أحدهما : أنه ليس يعرف في الشرع وجوب الرجم قبل اعتبار الحصانة فلم يجز حمله عليه .
والثاني : أنه قد روى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، أن النبي ( ص ) رجم يهوديين أحصنا فأبطلت هذه الرواية هذا التأويل .
ومن طريق القياس : أن كل من وجب عليه بالزنا حد كامل فوجب أن يكون بالوطء في النكاح محصناً كالمسلم ، ولأن كل قتل وجب على المسلم بسبب وجب على الكافر إذا لم يقر على ذلك السبب كالقود .
وقولنا : إذا لم يقر على ذلك السبب احترازاً من تارك الصلاة فإنه يقتل إذا كان مسلماً ؛ لأنه لا يقر ، ولا يقتل إذا كان كافراً ؛ لأنه يقر ، ولأن الرجم أحد حدي الزنا