الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص376
قال الماوردي : وصورتها في عنين أجل لزوجته ثم رضيت بعد الأجل بعنته ، فطلقها ثم راجعها في العدة فسألت بعد رجعته أن يؤجل لها ثانية لم يجز ؛ لأن المرتجعة زوجة بالنكاح الأول ، وقد أجل فيه مدة فرضيت فلم يجز أن يؤجل ثانية ؛ لأنه عنت إذا رضيت به في نكاح لزم كما يلزمها إذا رضيت بجبه وجنونه ، وهو بخلاف الإعسار بالنفقة إذا رضيت به في نكاح ثم عادت فيه تطلب الفسخ كان لها ؛ لأن الإعسار ليس بلازم ، وقد ينتقل منه إلى يسار كما ينتقل من يسار إلى إعسار ، وخالف العنة التي ظاهر حالها الدوام .
فأما المزني فإنه اعترض على الشافعي في هذه المسألة اعتراضاً موجهاً ، فقال : قد تجتمع الرجعة والعنة في نكاح واحد وهو إن وطئها يثبت الرجعة في نكاح واحد وسقطت العنة ، وإن لم يطأ ثبتت العنة وبطلت الرجعة والعنة ، فاختلف أصحابنا في الجواب فيه على ثلاثة طرق :
أحدها : وهو قول أبي حامد المروزي : أن المسألة خطأ من الناقل لها عن الشافعي رحمه الله فنقل ما ليس من قوله ، أو سها عن شرط زيادة جل من نقله فأوردها المزني كما وجدها في النقل لها عن الشافعي ؛ واعترض عليها هو بما هو صحيح متوجه .
والثاني : أن الشافعي فرع هذه المسألة في الجديد على مذهبه في القديم أن الخلوة يكمل بها المهر ، ويجب بها العدة . فصحت معها الرجعة ولم يسقط بها حكم العنة ، وهذا الجواب غير سديد من وجهين :
أحدهما : أن تفرعه في كل زمان إنما هو على موجب مذهبه فيه فلا يصح أن يفرع في الجديد على مذهب قد تركه ، وإن كان قائلاً به في الجديد .
والثاني : أن أبا حامد المروزي قال : وحدث الشافعي في القديم : أن الخلوة يكمل بها المهر ولا يجب بها العدة ، فبطل أن يصح معها الرجعة .
والجواب الثالث : وهو جواب الأكثرين من أصحابنا أنه قد يمكن على مذهب الشافعي رضي الله عنه في الجديد ، أن تجب العدة ، ونصح الرجعة ، ولا يسقط حكم العنة ، وذلك من وجوه :
أحدها : أن يطأ في الدبر ، فيكمل به المهر ، ويجب به العدة ، وتصح فيه ولا يسقط حكم العنة .