الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص373
من وقت الترافع إليه ولم يحتسب بما مضى منه ، وخالف مدة الإيلاء لأن تلك نص ، وهذه عن اجتهاد ، فلو أقر لها عند الحاكم بالعنة أجله لها ، ولم يعجل الفسخ بإقراره لأمرين :
أحدهما : أن الفسخ يؤجل لسنة فلم يجز أن يعجل قبلها .
والثاني : أنه ربما زالت العنة ، فلم يجز فسخ النكاح بها والله أعلم .
قال الماوردي : فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون عن عنة .
والثاني : بغير عنة ، فإن كان لعنة كان على مضى من تأجيله لها سنة إذا حاكمته ، فإن أصابها في السنة أو بعدها ، أو قبل الفسخ مرة واحدة سقط حقها من الفسخ لارتفاع عنته بالإصابة ، فلو تركها بعد تلك الإصابة سنين كثيرة لا يمسها ، فلا مطالبة لها .
وحكي عن أبي ثور أنه يؤجل لها ثانية إذا عادت العنة ثانية وهذا خطأ ؛ لأنها قد وصلت بإصابة المرأة الواحدة إلى مقصود النكاح من تكميل المهر وثبوت الحصانة ، ولا يبق إلا تلذذ الزوج بها ، وتلك شهوة لا يجبر عليها ، والله أعلم .
وإذا ترك الزوج إصابتها لغير عنةٍ ، فقد اختلف أصحابنا ، هل يجب عليه إصابتها مرة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق : أنه قد يجوز أن يتزوج المجنون الذي لا يقدر على الوطء ، والقرناء التي لا يمكن وطئها ، ولو وجب الوطء لما جاز إلا نكاح من تمكنه الوطء لم يكن وطأها .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يجب عليه أن يطأها مرة واحدة في نكاحه لأمرين :
أحدهما : أنه لما كان الخيار لها في العيوب المانعة من الوطء دل على وجوب الوطء .
والثاني : أنه مقصود النكاح في تكميل المهر والحصانة ، وطلب الولد لا يحصل إلا بالوطء فاقتضى أن يجب فيه الوطء .
فإذا قيل بالوجه الأول أنه يجب ، فلا خيار لها ولا تأجيل .
وإذا قيل بالوجه الثاني أنه يجب ، فإن كان معذوراً بمرض أو سفرٍ أنذر بالوطء إلى وقت مكنته كما ينظر بالدين من إعساره إلى وقت يساره وإن كان غير معذورٍ أخذه