پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص370

وحكي عن مالك : أنه يؤجل نصف سنة .

وحكي عن الحارث بن أبي ربيعة أنه يؤجل عشرة أشهر وحكي عن سعيد بن المسيب أنها إن كانت حديثة العهد معه أجل لها سنة ، وإن كانت قديمة العهد معه أجل لها خمسة أشهر ، وكل هذه الأقاويل فاسدة لا يرجع التقدير فيها إلى أصل من جهة وتقدير أصله بالسنة أولى من وجهين :

أحدهما : أنه مروي عن عمر ؛ لأنه أجل العنين سنة ، وعمر لا يفعل هذا غإا عن توقيف يكون نصاً أو عن اجتهاد شاور فيه الصحابة ، لأنه كان كثير المشورة في الأحكام فيكون مع عدم الخلاف فيه إجماعاً ، وإذا تردد بين حالين نص أو إجماع لم يجز بخلافه .

والثاني : إن التأجيل إنما وضع ليعلم حاله ، هل هو من مرض طارئ فيرجى زواله أو من نقصٍ في أصل الخلقة فلا يرجى زواله فكانت السنة الجامعة للفصول الأربعة أولى أن تكون أجلاً معتبراً ؛ لأن فصل الشتاء بارد رطب وفصل الصيف حار يابس ، وفصل الربيع حار رطب ، وفصل الخريف بارد يابس فإذا مر بالمرض ما يقابله من فصول السنة ظهر وكان سبباً لبرئه ، فإن كان من برد ففصل الحد يقابله فإن كان من حر ففصل البرد يقابله ، وإن كان من رطوبة ففصل اليبوسة يقابله ، وإن كان من يبوسة ففصل الرطوبة يقابله ، وإن كان مركباً من نوعين فما خالفه في النوعين ، هو المقابل له ، فإذا مضت عليه الفصول الأربعة وهو بحالة لم يكن مرضاً لما قيل عن علماء الطب إنه لا يسحر الداء في الجسم أكثر من سنة وعلم حينئذ أنه نقص لازم لأصل الخلقة فصار عيباً يوجب الخيار .

فصل

فإذا تقرر ما وصفنا من حكم العنة وأجلها فقد اختلف أصحابنا بماذا يثبت العنة إن ادعتها الزوجة على ثلاثة أوجه :

أحدها : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها لا تثبت إلا بإقراره أو بينة على إقراره فيكون الإقرار وحده معتبراً في ثبوتها .

والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطخري أنها تثبت بإقراره أو بنكوله لعدم إنكاره ولا يراعي فيه يمين الزوجة ؛ لأنها لا تعرف باطن حاله فتحلف .

والوجه الثالث : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، وأكثر أصحابنا ، وحكاه أبو حامد الإسفراييني ولم يحك ما سواه أنها ثبتت بإقراره على الزوجة بعد نكوله ، وإنكاره لا يثبت إن لم يحلف بعد النكول ولا يمتنع أن يحلف على مغيب بالإمارات الدالة على حاله كما يحلف على كنايات القذف والطلاق ، وأنه أراد به القذف والطلاق إذا أنكر ونكل والله أعلم .