پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص356

باب الأمة تعتق وزوجها عبدٌ من كتابٍ قديمٍ ومن إملاءٍ وكتاب نكاحٍ وطلاقٍ إملاءٍ على مسائل مالكٍ

قال الشافعي رحمه الله : ‘ أخبرنا مالكٌ عن ربيعة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة أعتقت فخيرها رسول الله ( ص ) ( قال ) وفي ذلك دليلٌ على أن ليس بيعها طلاقها إذ خيرها رسول الله ( ص ) بعد بيعها في زوجها ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا كانت الأمة ذات زوج فبيعت أو أعتقت كان النكاح بحاله ، ولم يكن ذلك طلاقاً لها .

وبه قال عمر ، وعثمان ، وعلي ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص وأكثر الصحابة ، وجمهور الفقهاء ، وذهب ابن عباس وابن مسعود ، وأبي بن كعب وأنس بن مالك إلى أن بيعها طلاق لها ، وكذلك عتقها ، ولا نعرف قائلاً به من التابعين إلا مجاهد استدلالاً بقول الله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ) ( النساء : 23 ) . إلى قوله : ( وَالمُحْصَنَاتِ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ ) ( النساء : 24 ) . فحرم من ذوات الأزواج إلا أن يملكن فيحللن للمالك ، وهذه قد ملكت بالابتياع فوجب أن تحل لمالكها ، لأنه لما حلت ذات الزوج بالسبي لحدوث ملك السابي وجب أن تحل بالشراء لحدوث ملك المشتري .

والدليل على ثبوت النكاح أن بريرة أعتقت تحت زوج فخيرها رسول الله ( ص ) في نكاحه ، فلو كان نكاحها قد بطل بعتقها لأخبرها به ولم يخيرها فيه ، ولأن عقد النكاح أثبت من عقد الإجارة لدوامه فلما لم يبطل عقد الإجارة بالعتق والبيع فأولى أن لا يبطل بهما عقد النكاح ، ولأنه لما كان بيع الزوج وعتقه لا يوجب بطلان نكاحه كذلك بيع الزوجة ، وعتقها لا يوجب بطلان نكاحها ، ولأن المشتري ملك عن البائع على الصفة التي كان البائع مالكها فلما كان النكاح مقراً على ملك البائع كان مقراً على ملك المشتري ، فأما الآية فواردة في السبايا .

وأما الاستدلال بالسبايا فالفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن السبي لما أبطل الحرية التي هي أقوى ، كان بأن يبطل النكاح أولى وليس كذلك البيع والعتق .