الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص353
قال المزني هذا يدل على أن من شهد على رجل بقتل خطأ ثم رجع الشهود لم يلزمهم غرم الدية إلا بعد أن يغرمها العاقلة فيرجع بها حينئذٍ على الشهود وهذا صحيح ، لأنه قبل الغرم قد يجوز أن يبرأ العاقلة فلا يستحق الرجوع ، فإذا غرم الزوج ذلك لم يصح أن ينسب الغرور إلى السيد ، لأنها تعتق عليه بقوله هي حرة فلا يكون غاراً ، وإنما يصح أن يكون الغرور إما منها ، أو من وكيله في نكاحها ، أو منهما معاً ، فإن تفرد الوكيل بغرور الزوج رجع عليه بقيمة الولد ومهر المثل في الحال إن كان موسراً ، وانظر إلى ميسرته إن كان معسراً ، وإن تفردت الأمة بالغرور يرجع الزوج عليها بقيمة الولد ، وبجميع مهر المثل ولا يترك عليها شيئاً منه ، لأنه قد غرم جميعه للسيد فلم يصر بضعها مستهلكاً بغير مهر ، وكان ذلك في ذمتها لأنها أمة تؤديه إذا أيسرت بعد العتق .
فإن قيل : فهلا كان ذلك في رقبتها تباع فيه كالعبد إذا نكح بغير إذن سيده ولزمه المهر بإصابته كان في رقبته على أحد القولين .
قيل : الفرق بينهما أن الرقبة لا يتعلق بها إلا جناية ، ووطء العبد جناية توجب الغرم فجاز أن يتعلق برقبته ، وليس غرور الأمة جناية ولا الغرم بها يتعلق وإنما تعلق بوطء الزوج فلم يجز أن يتعلق برقبتها ، وإن اشتراك الوكيل ، والأمة في الغرور كان غرم المهر وقيمة الأولاد بينهما نصفين لاستوائهما في الغرور ، لكن ما وجب على الوكيل من نصف الغرم يؤخذ به معجلاً ، لأنه حر ، وما وجب على الأمة من نصف الغرم تؤخذ به إذا أيسرت بعد العتق .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا تزوجها على أنها حرة فكانت مكاتبة كان في نكاحها قولان كالأمة :
أحدهما : باطل .
والثاني : جائز :
وهل له الخيار أم لا ؟ على قولين كالأمة .
فإذا قيل بصحة النكاح ، وأن لا خيار فيه أو فيه الخيار فاختار المقام عليه فالمهر المسمى بالعقد واجب وهو للمكاتبة دون سيدها ، لأنه من كسبها واكتساب المكاتبة لها بخلاف الأمة ، فأما أولادها الذين علقت بهم بعد علم الزوج بكتابتها ففيهم قولان :