الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص342
فلا خيار في البله ، لأن الاستمتاع كامل ، وكذلك لا خيار في الحمق وقلة الضبط لكمال الاستمتاع معهما ، وإنما يؤثر فيما سواه من تدبير المنزل وتربية الولد ، ولذلك قال النبي ( ص ) : ‘ لا تسترضعوا الحمقى فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع ‘ .
فأما الزعر فهو من مبادئ الجذام ، وربما برئ ولم يصر جذاماً ويقع في الحاجبين فيناثر به الشعر ، وفي الأنف فيتغير يه الجلد ولا خيار فيه ، لأنه ليس بجذام عادي ولا النفوس منه نافرة ، فلو اختلفا فيه فادعى الزوج أن بها جذاماً ، وقالت : بل هو زعر وقف عليه عدلان من علماء الطب فإن قالا : هو جذام ثبت فيه الخيار ، وإن قالا : زعر فلا خيار فيه ، وإن أشكل فالقول قولها مع يمينها أنه زعر ولا خيار فيه ، لأن الأصل عدم الخيار إلا أن يثبت ما يوجبه .
فأما البهق فتغير لون الجلد ولا يذهب بدمه ويزول ولا تنفر منه النفوس فلا خيار فيه ، فلو اختلفا فقال الزوج : هذا البياض برص ولي الخيار ، وقالت الزوجة : بل هو بهق فلا خيار وقف عليه عدلان من علماء الطب ، وعمل على قولهما فيه فإن أشكل كان القول قولها مع يمينها أنه بهق ولا خيار فيه .
فإن قيل : فكيف جعل الشافعي في الجذام والبرص عدوى ، وهذا قول أصحاب الطبائع ، وقد كذبه الشرع ومنع منه ، وقال النبي ( ص ) : ‘ لا عدوى ولا طيرة ‘ فقيل له : أما ترى النكتة من الجرب في شفر البعير فتعدوا إلى سائره وإلى غيره فقال ( ص ) : ‘ فمن أعدى الأول ‘ أي إذا كان الأول بغير عدوى كان ما بعده ، وفي غيره بغير عدوى .