الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص332
ووري أن عمر قال يوماً على المنبر : أيها الناس استمعوا فقال سلمان : لا نسمع ، فقال عمر : ولم ذاك ، فقال سلمان : لأن الثياب لما قدمت من العراق ، وفرقتها علينا ثوباً وأخذت ثوبين لنفسك فقال عمر : أما هذا فثوبي وأما الآخر فاستعرته من ابني ثم دعى ابنه عبد الله ، وقال : أين ثوبك ، فقال : هو عليك ، فقال سلمان : قل الآن ما شئت يا أمير المؤمنين فكيف يجوز مع اعتراضهم عليه في مثل هذه الأمور أن يمسكوا عنه في تحريم ما قد أحله رسول الله ( ص ) فلا ينكرونه لولا اعترافهم بصحته ووفاقهم على تحريمه فإن قيل : فقد روي عن جابر بن عبد الله ، وسلمة بن الأكوع أنهما قالا : سمعنا رسول الله ( ص ) يحل المتعة وسمعنا عمر ينهي عنها فتبعنا عمر قيل معناه : تبعنا عمر فيما رواه في التحريم ، لأنه روى لهم أن رسول الله ( ص ) أباح المتعة ثلاثاً ثم حرمها ، فكيف يجوز لولا ما ذكرنا أن يضاف إلى جابر وأبي سلمة أنهما خالفا رسول الله ( ص ) وتبعا عمر ، ولو تبعاه لما تبعه غيرهما من الصحابة .
وأما قياسهم على الإجارة فالمعنى فيهما : أنها لا تصح مؤبدة فصحت مؤقتة ، والنكاح لما صح مؤبداً لم يصح مؤقتاً .
وأما الجواب عن استدلالهما بأنه قد ثبت إباحتها بالإجماع فلم يعدل إلى تحريمها إلا بالإجماع فمن وجهين :
أحدهما : أنه ما ثبت به إباحتها هو الذي ثبت به تحريمها ، فإن كان دليلاً في الإباحة وجب أن يكون دليلاً في التحريم .
والثاني : أن الإباحة الثابتة بالإجماع هي إباحة مؤقتة تعقبها نسخ ، وهم يدعون إباحة مؤبدة لم يتعقبها نسخ فلم يكن فيما قالوه إجماع .
قال الماوردي : وصورتها في امرأة طلقها زوجها ثلاثاً حرمت بهن عليه إلا بعد زوج فنكحت بعده زوجاً ليحلها للأول فيرجع إلى نكاحها فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يشترطا في عقد النكاح أن يتزوجها على أنه إذا أحلها بإصابة للزوج الأول فلا نكاح بينهما فهذا نكاح باطل .
وقال أبو حنيفة : النكاح صحيح والشرط باطل .