الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص325
والثاني : أنه يجمل على عموم الأمرين .
فإن قالوا : إنما سمي شغاراً لخلوه من صداق ، ونحن لا نخليه لأننا نوجب فيه صداق المثل فامتنع أن يكون شغار .
قيل : هذا فاسد ، لأنه ليس يمنع ما أوجبتموه من الصداق بعد العقد من أن يكون نكاح الشغار وقت العقد قد توجه النهي إليه فاقتضى فساده .
ومن طريق القياس ما ذكره الشافعي في القديم أنه عقد فيه مثنوية ، ومعناه : أنه ملك الزوج بضع بنته بالنكاح أو ارتجعه منه بأن جعله ملكاً لبنت الزوج بالصداق ، وهذا موجب لفساد النكاح ، كما لو قال : زوجتك بنتي على أن يكون بضعها ملكاً لفلان ، كان النكاح فاسداً بالإجماع ، كذلك هذا بالحجاج وتحريره : أنه جعل المقصود لغير المعقود له ، فوجب أن يبطل قياساً على ما ذكرنا من قوله : زوجتك بنتي على أن يكون بضعها لفلان ، ولأن جعل المعقود عليه معقوداً به فوجب أن يكون باطلاً كما لو زوج بنته بعبد على أن تكون رقبته صداقها ، ولأن العين الواحدة إذا جعلت عوضاً ومعوضاً ، فإذا بطل أن تكون عوضاً بطل أن تكون معوضاً كالثمن والمثمن في البيع ، وهو أن يقول قد بعتك عبدي بألفٍ على أن يكون ثمناً لبيع دارك عليّ .
فأما الجواب عن استدلالهم بأن الفساد في الصداق ، لأنه لو قال : قد زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك كان النكاح جائزاً ، فهو أن الفساد إنما كان في الشغار للاشتراك في البضع ، وفي هذا الموضع لا يكون في البضع اشتراك فصح ، ألا تراه لو قال : زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك على أن بضع بنتي صداق لبنتك ، بطل نكاح بنته ، لأنه حصل في بضعها اشتراكاً ، ولم يبطل نكاح الأخرى ، لأنه لم يحصل في بعضها اشتراكاً .
وأما استلاله بأنه لو جعل صداق بنته طلاق زوجته صح فكذلك هاهنا فالجواب عنه أنه فساد اختص بالمهر ولم يحصل في البضع تشريك ، فلذلك صح ، وليس كذلك في مسألتنا .
وأما استدلاله الآخر فسنذكر من اختلاف أصحابنا في حكمه ما يكون جواباً – وبالله التوفيق – .