پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص324

الأخرى ، أو يقول على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى ، فهذا هو الشغار المنهى عنه والدليل عليه حديثان :

أحدهما : ما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) نهى عن الشغار ، والشغار : أن يزوج الرجل ابنته الرجل على أن يزوجه الرجل الآخر ابنته ليس بينهما صداق .

والحديث الثاني : رواه معمر عن ثابت عن أنس قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ لا شغار في الإسلام ، والشغار أن يبذل الرجل أخته بأخته ‘ وهذا التفسير من الراوي إما أن يكون سماعاً من رسول الله ( ص ) فهو نص ، وإما أن يكون عن نفسه فهو لعلمه بمخرج الخطاب ومشاهدة الحال أعرف به من غيره .

فإذا تقرر أن نكاح الشغار ما وصفنا فعقد النكاح فيه باطل .

وبه قال مالك وأحمد وإسحاق ، إلا أن مالكاً جعل النهي فيه متوجهاً إلى الصداق وعنده أن فساد الصداق موجب لفساد النكاح ، وعندنا أن النهي فيه متوجه إلى النكاح دون الصداق ، وأن فساد الصداق لا يوجب فساد النكاح فصار مالك موافقاً في الحكم مخالفاً في معنى النهي .

وقال أبو حنيفة : نكاح الشغار جائز والنهي فيه متوجه إلى الصداق دون النكاح ، وفساد الصداق لا يوجب فساد النكاح فصار مخالفاً لمالك في الحكم موافقاً له في معنى النهي .

وبه قال الزهري ، والثوري ، استدلالاً بأن النهي متوجه إلى الصداق ، لأنه لو قال كل واحد منهما : قد زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك كان النكاح جائزاً ، وإنما أبطله إذا قال : على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى ، فدل على أن النهي توجه إلى الصداق وفساده لا يوجب فساد النكاح كما لو تزوجها على صداق من خمر ، أو خنزير ، ولأنه لو قال : قد زوجتك بنتي على أن صداقها طلاق امرأتك صح النكاح ، وإن جعل الصداق بضع زوجته فكذلك في مسألتنا قالوا : ولأنكم جوزتم النكاح إذا سمى لهما أو لأحدهما صداقاً فكذلك وإن لم يسميه ، لأنه ترك الصداق في العقد الصحيح لا يوجب فساده ، كما أن ذكره في العقد الفاسد لا يوجب صحته .

ودليلنا ما قدمناه من نهي النبي ( ص ) والنهي عندنا يقتضي فساد المنهي عنه ما لم يصرف عنه دليل .

فإن قالوا : قد فسد بالنهي ما توجه إليه وهو الصداق دون النكاح فعنه جوابان :

أحدهما : أن النهي توجه إلى النكاح لما رواه نافع عن ابن عمر أن النبي ( ص ) ‘ نهى عن نكاح الشغار ‘ .