الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص317
قال الشافعي رحمه الله : ‘ ذهب بعض أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن إلى إحلاله وآخرون إلى تحريمه وروي عن جابر بن عبد الله من حديث ثابتٍ أن اليهود كانت تقول من أتى امرأته في قبلها من دبرها جاء ولده أحول فأنزل الله تعالى ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثُ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) وروي عن النبي ( ص ) أن رجلاً سأله عن ذلك فقال النبي ( ص ) : ‘ في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أم من دبرها في دبرها فلا إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن ‘ ( قال الشافعي ) فلست أرخص فيه بل أنهى عنه ‘ .
قال الماوردي : اعلم أن مذهب الشافعي وما عليه الصحابة وجمهور التابعين والفقهاء أن وطء النساء في أدبارهن حرام .
وحكي عن نافع وابن أبي مليكة وزيد بن أسلم أنه مباح ، ورواه نافع عن ابن عمر ، واختلفت الرواية فيه عن مالك فروى عنه أهل المغرب أنه أباحه في كتاب السيرة .
وقال : أبو مصعب : سألته عنه فأباحه .
وقال ابن القاسم قال مالك : أدركت أحداً افتدى به في ديني يشك في أنه حلال وأنكر أهل العراق ذلك عنه ، ورووا عنه تحريمه لما انتقل ابن عبد الحكم عن مذهب الشافعي إلى مذهب مالك حكي عن الشافعي أنه قال : ليس في إتيان النساء في أدبارهن حديث ثابت ، والقياس يقتضي جوازه ، يريد ابن عبد الحكم بذلك نصرة مالك فبلغ ذلك الربيع فقال كذب ، والله الذي لا إله إلا هو لقد نص الشافعي على تحريمه في ستة كتب .
واستدل من ذهب إلى إباحته بما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر : أن رجلاً أتى امرأة في دبرها فوجد في ذلك وجداً شديداً فأنزل الله تعالى : تعالى ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثُ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ( البقرة : 223 ) . وقال تعالى : ( أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أزْوَاجِكُمْ ) ( الشعراء : 165 – 166 ) . فدل على أنه أباح من الأزواج مثل ما حظر من الذكران وقال تعالى : ( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) ( البقرة : 187 ) . فدل