الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص306
والقسم الثاني : أن يكون ملحقاً بحكم أمه دون أبيه وذلك في شيئين :
أحدهما : ولد المنكوحة تابع لأمه في الحرية والرق دون أبيه فإن كانت أمه حرة كان حراً ، وإن كان أبوه عبداً ، وإن كانت أمه مملوكة كان عبداً ، وإن كان أبوه حراً .
والثاني : في الملك فإن ولد المملوكين تبع لأمه ومملوك لسيدهما .
والقسم الثالث : أن يكون ملحقاً بأفضل أبويه حالاً وأغلظهما حكماً ، وذلك في شيء واحد وهو في الإسلام يلحق بالمسلم منهما أباً كان أو أماً .
والقسم الرابع : ما اختلف قوله فيه ، وهو في إباحته الذبيحة والنكاح فأحد قوليه أنه ملحق بالأب .
والثاني : ملحق بأغلظهما حكماً .
قال الماوردي : أما المقيمون في دار الإسلام من الكفار فضربان : أهل الذمة وأهل عهد .
فأما أهل الذمة : فهم باذلو الحرية لهم ذمة مؤبدة يلزمنا في حق الذمة أن نمنع عنهم من أرادهم ممن جرت عليه أحكامنا من المسلمين وممن لم تجر عليه أحكامنا من أهل الحرب .
وأما أهل العهد : فهم المستأمنون الذين لهم أمان إلى مدة يلزمنا أن نمنع من أرادهم ممن جرت عليه أحكامنا من المسلمين ، فلا يلزمنا أن نمنع من أرادهم من لم تجر عليه أحكامنا من أهل الحرب ، وقد عبر الشافعي في مواضع عن أهل الذمة بالمعاهدين ، لأن ذمتهم عهد ، وإن كانوا باسم الذمة أخص ، فأما إذا لم يترافع الفريقان في أحكامهم إلينا لم ندعهم إلينا ، ولم نعترض عليهم فيها ، وإن ترافعوا إلينا نظر فيهم فإن كانوا معاهدين لهم أمان إلى مدة لم يلزمنا أن نحكم بينهم ، ولم يلزمهم التزام حكمنا ، وكان حاكمنا بالخيار بين أن يحكم بينهم وبين أن لا يحكم ، وهم إذا حكم عليهم بالخيار بين أن يلتزموا حكمه ، وبين أن لا يلتزموه ، وإن جاء أحدهم مستعدياً لم يلزم المتعدي عليه أن يحضر ، ولا يلزم الحاكم أن يعديه عليه ، وإنما كان كذلك لقول الله تعالى : ( فَإنْ جَاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطًِ ) ( المائدة : 42 ) . الآية فخير الله تعالى في الحكم بينهم ، ولأن علينا أن نمنع عنهم أنفسنا ، وليس علينا أن نمنع عنهم غيرنا ، سواء كان التحاكم في حق الله تعالى أو في حق الآدميين ، لأن حق الله تعالى في شركهم أعظم ، وقد أقروا عليه ، وسواء كانوا أهل كتاب أو غير أهل كتاب .