الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص295
قال الشافعي رحمه الله : ‘ وإذا ارتدا أو أحدهما منعا الوطء فإن انقضت العدة قبل اجتماع إسلامهما انفسخ النكاح ولها مهر مثلها إن أصابها في الردة فإن اجتمع إسلامهما قبل انقضاء العدة فهما على النكاح ‘ .
قال الماوردي : وهذا الفصل يشتمل على مسألتين .
إحداهما : أن يرتد أحد الزوجين المسلمين .
والثانية : أن يرتدا معاً .
فإذا ارتدا أحدهما ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون قبل الدخول فالنكاح قد بطل برده أحدهما ، وهو إجماع ، لأن ما أثر في الفرقة قبل الدخول أيتها كالطلاق الرجعي ، ولذلك أبطلنا نكاح الزوجين المشركين إذا أسلم أحدهما قبل الدخول ، وإذا بطل النكاح بردة أحدهما قبل الدخول نظر في المرتد منهما ، فإن كان هو الزوج فعليه نصف المهر ، لأن الفسخ من قبله . وإن كان المرتد هي الزوجة فلا مهر لها لأن الفسخ من قبلها .
والضرب الثاني : أن يكون ردة أحدهما بعد الدخول فقد اختلف الفقهاء في النكاح فمذهب الشافعي أن يكون موقوفاً على انقضاء العدة ، فإن أسلم المرتد منهما قبل انقضائهما كانا على النكاح ، وإن لم يسلم حتى انقضت بطل النكاح .
وقال مالك : يعرض الإسلام على المرتد منهما ، فإن عاد إليه كانا على النكاح ، وإن لم يعد إليه بطل النكاح .
وقال أبو حنيفة : قد بطل النكاح بنفس الردة من غير وقف استدلالاً بأن ارتداد أحد الزوجين موجب لوقوع الفرقة في الحال قياساً على ما قبل الدخول ، ولأن كل سبب يتعلق به فسخ النكاح يستوي فيه ما قبل الدخول وبعده كالرضاع ، واستبراء الزوجة ، ووطء أمها بشبهة .
ودليلنا : هو أن اختلاف الدين بعد الإصابة لا يوجب تعجيل الفرقة قياساً على إسلام أحد الزوجين المشركين ، ولأنها ردة طارئة على نكاح مدخول بها فوجب أن لا تبيين قياساً على ارتدادهما معاً .