الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص266
أحدهما : أن يكون ممن يجوز له نكاح الإماء لعقد الحرة وعدم الطول وخوف العنت فيجوز له أن يختار واحدة منهن ويفارق من سواها ؛ لأنه في حال يجوز له أن يبتدئ فيها نكاح الأمة ، فجاز أن يستديم فيهما نكاح الأمة .
والحال الثانية : أن يكون عند إسلامه وإسلامهن ممن لا يجوز أن يبتدئ نكاح الأمة لوجود الطول أو أمن العنت فنكاح الإماء قد بطل اعتباراً بحال إسلامه معهن ، وأنه ممن لا يجوز له أن يبتدئ نكاح أمة فلم يكن له أن يستديم بالاختيار نكاح أمة .
وقال أبو ثور : يجوز له أن يستديم نكاح أمة منهن باختياره ، وإن كان ممن لا يجوز له أن يبتدئ نكاح أمة استدلالاً بأن الشرط في نكاح الأمة معتبر في ابتداء العقد عليها ، وليس بمعتبر في استدامة نكاحها ألا تراه لو تزوجها لخوف العنت ثم أمن العنت جاز أن يستديم نكاحها ، وإن لم يجز أن يبتدئه كذلك المشرك إذا أسلم مستديم لنكاحها ، وليس بمبتدئ فجاز أن يقيم على نكاحها مع عدم الشرك ، وإن لم يجز أن يبتدئه .
قال ؛ ولأنه لو وجب أن يعتبر شروط الابتداء في وقت استدامته عند الإسلام لوجب اعتبار الولي والشاهدين فلما لم يعتبر هذا لم يعتبر ما سواه .
ودليلنا : هو أن نكاح الأمة لا يحل إلا باعتبار شروطه فلما لم تعتبر وقت عقده في الشرك ، وجب أن تعتبر وقت اختياره في الإسلام ؛ لئلا يكون العقد عليها خالياً من شروط الإباحة في الحالين ، وفي هذا انفصال عن استدلاله الأول ؛ لأننا قد اعتبرنا شروط الإباحة في الابتداء فلم نعتبرها في الاستدامة ، ويكون الفرق بين هذا وبين استدلاله الثاني ، بأن الولي والشاهدين ، وإن كان شرطاً في العقد فهو غير معتبر في الحالين ؛ لأن الولي والشاهدين من شروط العقد وعقد الشرك معفو عنه فعفى عن شروطه ، وليس كذلك شروط نكاح الأمة ؛ لأنها من شروط الإباحة وشروط الإباحة معتبرة وقت الاختيار ألا تراه لو نكح في الشرك معتدة ثم أسلما ، وهي في العدة كان النكاح باطلاً ؛ لأنها وقت الاختيار غير مباحة كذلك الأمة .
ويتفرع على هذا التفريغ ثلاثة فروع :
أحدها : أن تسلم المشركة مع زوجها وهي في عدة من وطء شبهة فقد اختلف أصحابنا في إباحتها على وجهين :
أحدهما : وهو قول ابن سريج أن نكاحها باطل اعتباراً بما قررناه ، بأنه لا يستبيح العقد عليها وقت الإسلام كما لو نكحها في العدة ثم أسلما وهي في العدة .
والوجه الثاني : وهو أظهر أن النكاح جائز ؛ لأن حدوث العدة في النكاح بعد صحة عقدها لم يؤثر في نكاح المسلم فأولى أن لا يؤثر في نكاح المشرك .
والفرع الثاني : أن يسلم أحد الزوجين المشركين ، ويحرم بالحج ثم يسلم الثاني في العدة فالأول على إحرامه وفي النكاح وجهان :