الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص261
فأما الجواب عن استدلالهم بالآية فنحن نقول بموجبها لأنها لا ترد المسلمة إلى كافر ولا تحلها له ولا تمسك بعصمة كافرة ، وإنما يردها إلى مسلم ، ويسمك بعصمة مسلمة وأما الجواب عن حديث زينب فمن وجهين :
أحدهما : ما رواه عن ابن عباس أن النبي ( ص ) ردها عليه بالنكاح الأول .
والثاني : أنه يجوز أن يكون استأنف لها نكاحاً ، لأنه أسلم بعد انقضاء العدة حين أسره أبو بصير الثقفي بسيف البحر من نحو الجار .
وأما قياسهم على السبي والاسترقاق فليس المعنى فيه افتراق الدارين إنما حدوث الاسترقاق ألا ترى أنه لو استرق أحدهما وهما في دار الحرب ، بطل النكاح ولو استرقا معاً بطل النكاح فصار السبي مخالفاً للإسلام ، وعلى أن الفرقة بالاسترقاق غير منتظرة بحال ، والفرقة بالإسلام منتظرة في حال فافترقا .
وأما الاستدلال بأنها متغلبة على بضعها فلا يصح ؛ لأن الأعيان تملك بالتغلب دون الأبضاع ، ألا ترى أن مسلماً لو غلب على بضع مشركة لم تصر زوجة ، ولم يضر زوجاً ولو تغلب على رقبتها صارت ملكاً .
ودليلنا عليه هو اختلاف الدارين إذا منع من تأبيد المقام على النكاح تعجلت به الفرقة إذا كان قبل الدخول كالردة ، ولأن كل سبب إذا وجد بعد الدخول لم تقع به الفرقة إلا بانقضاء العدة ، وجب إذا وجد قبل الدخول إن تعجل به الفرقة كالطلاق الرجعي ، فأما قياسه على إسلامهما معاً ، فلأنه يجوز بإسلامهما تأبيد المقام على النكاح فكان على صحته ، وإسلام أحدهما يمنع تأبيد المقام فتعجل به فسخ العقد على أن القياس منتقض بالردة قبل الدخول ، فإنه يقول : لو ارتدا معاً قبل الدخول كانا على النكاح ثم لو أسلم أحدهما بطل النكاح .
وأما استدلاله بأن ما كان سبباً في الإباحة لم يكن سبباً في الحظر ففاسد بالطلاق ، وهو سبب لتحريم المطلقة وإباحة أختها وسبب لإباحتها لغير مطلقها ، وإن كان سبب لتحريمها على مطلقها ثم لما لم يمنع أن يكون الإسلام الذي هو سبب الإباحة سبباً للتحريم بعد انقضاء العدة ، وكذلك قبلها .
واستدل أبو حنيفة على أن إسلام أحدهما في دار الإسلام فوجب بقاء النكاح على الأبد ما لم يعرض الإسلام على المتأخر منهما في الشرك ، فإذا عرض عليه فامتنع أوقع