الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص256
وقال الشافعي في بعض كتبه : إن مناكحهم باطلة ، وقال في موضع آخر : إنها معفو عنها فغلط بعض أصحابنا فخرج اختلاف هذه النصوص الثلاثة على ثلاثة أقاويل ، الذي عليه جمهورهم أنه ليس ذلك لاختلاف أقاويله فيها ، ولكنه لاختلاف أحوال مناكحهم وهي على ثلاثة أقسام : صحيحة ، وباطلة ، ومعفو عنها .
فأما الصحيح منها فهو أن يتزوج الكافر الكافرة بولي وشاهدين بلفظ النكاح ، وليس بينهما نسب يوجب التحريم ، فهذا النكاح صحيح ، فإذا أسلموا عليه أقروا وهو الذي أراده الشافعي بالصحة .
فأما الباطل منها فهو أن يتزوج في الشرك بمن تحرم عليه بنسب ، أو رضاع ، أو مصاهرة فهذا النكاح باطل ، فإذا أسلموا عليه لم يقروا ، وكذلك لو نكحها بخيار مؤبد وهذا الذي أراده الشافعي بأنه باطل .
وأما المعفو عنه : فهو أن يتزوج من لا تحرم عليه بنسب ، ولا رضاع ، ولا مصاهرة بما يرونه نكاحاً من غير ولي ولا شهود ولا بلفظ نكاح ولا تزويج فهذا معفو عنه ، فإذا أسلموا قروا عليه ؛ لأن رسول الله ( ص ) لم يكشف عن مناكح من أسلم من المشركين وهو الذي أراده الشافعي بأنه معفو عنه والله أعلم .
أحدهما : أن يسلم الزوجان معاً .
والحال الثانية : أن يسلم أحدهما ، فإن أسلم الزوجان معاً ، فإن لم يكن للزوج أكثر من أربع زوجات بأن كان له أربع فما دون ، وأسلمن كلهن معه في حالة واحدة ثبت نكاحهن كلهن سواء كان إسلامه وإسلامهن قبل الدخول أو بعده ، وإن كان له خمس زوجات فما زاد وقد أسلم جميعهم بإسلامه كان له أن يختار من جملتهن أربعاً سواء نكحهن جميعهن في الشرك في عقد واحد أو في عقود وسواء أمسك الأوائل أو الأواخر وينفسخ نكاح البواقي بغير طلاق ، وبمثل قولنا قال مالك ، ومحمد بن الحسن ، وأبو ثور إلا أن مالكاً قال : لا ينفسخ نكاح البواقي بعد الأربع إلا بطلاق وهكذا لو نكح في الشرك أختين ثم أسلمتا معاً أمسك أيتهما شاء وانفسخ نكاح الأخرى بغير طلاق عندنا وبطلاق عند مالك .
وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف : لا اعتبار بخياره ، وإنما الاعتبار بعقده ، فإن تزوج في الشرك عشراً في عقد واحدٍ ثم أسلمن معه بطل نكاح جميعهن ، فإن تزوجهن في عقود ثبت نكاح الأربع الأوائل ، وبطل نكاح من بعدهن من الأواخر اعتباراً بنكاح المسلم ، وهكذا لو أنكح أختين أسلمتا معه نظر فإن كان قد نكحهما في عقد واحد بطل نكاحهما ، وإن كان في عقدين ثبت نكاح الأولى منهما ، وبطل نكاح الثانية .
وقال الأوزاعي : إن نكحهن في عقود ثبت نكاح الأربع الأوائل وأن نكحهن في عقد واحد لم يبطل نكاحهن واختار منهن أربعاً واستدل أبي حنيفة بما روي أن النبي ( ص ) بعث