پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص239

يتزوجها بأقل من صداق المثل وهو واجده حل له نكاح الأمة ، ولو وجد ثمن أمة وهو أقل من صداق حرة ففي جواز تزويجه للأمة وجهان :

أحدهما : يجوز لقوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمَِنْ مَّا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ ) ( النساء : 25 ) .

والوجه الثاني : لا يجوز ؛ لأنه مستغن عن استرقاق ولده .

وأما الشرط الثالث : وهو أن يخاف العنت ، وهو الزنا فسواء خافه وهو ممن يقدم عليه لقلة عفافه أو كان ممن لا يقدم عليه لتحرجه وعفافه في أن خوف العنت فيهما شرط في إباحة نكاح الأمة لهما ، فأما إذا خاف العنت من أمة بعينها أن يزني بها إن لم يتزوجها لقوة ميله إليها وحبه لها فليس له أن يتزوجها إذا كان واجداً للطول لأننا نراعي عموم العنت لا خصوصه والله أعلم .

فصل

فإذا ثبت أن نكاح الحر للأمة معتبر بما أوضحناه من الشروط الثلاثة فليس له إذا استكملت فيه أن ينكح أكثر من أمة واحدة .

وقال أبو حنيفة ، ومالك : يجوز أن ينكح منهن أربعاً كالحرائر استدلالاً بقول الله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ المُؤْمِنَاتِ ) ( النساء : 25 ) فأطلق ملك اليمين إطلاق جمع فحمل على عمومه في استكمال أربع كالحرائر ، ولأن كل جنس حل نكاح الواحدة منه حل نكاح الأربع منه كالحرائر طرداً والوثنيات عكساً ؛ ولأن كل من جاز أن له أن يتزوج بأكثر من حرة واحدة ، جاز له أن يتزوج بأكثر من أمة واحدة كالعبد .

ودليلنا قول الله تعالى : ( ذَلَكَ لِمَنْ خَشِيَ العَنَتَ مِنْكُمْ ) ( النساء : 25 ) وهذا إذا تزوج أمة واحدة فقد أمن العنت فلم يجز أن يتزوج بأمة قياساً على ما تحته من الحرائر أخرى ، ولك تحري هذا قياساً فتقول : إنه حر أمن العنت فلم يجز أن يتزوج بأمة قياساً على من تحته حرة ، وإن شئت قلت حر قادر على وطء بنكاح قياساً على هذا الأصل ، ولأنه محظور إلا عند الضرورة فلم يستبح منه إلا ما دعت إليه الضرورة كأكل الميتة .

فأما الاستدلال بالآية فلا يقتضي إلا أمة واحدة ؛ لأنه قال : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ المُؤْمِنَاتِ ) ( النساء : 25 ) فلما كان المراد بالحرائر المحصنات واحدة وجب أن يكون المراد بما في مقابلتهن من الإماء واحدة ، وعلى أن الأمة بدل من الحرة ولا يجوز أن يكون البدل أوسع حكماً من المبدل .