الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص236
جمع في العقد الواحد بين حرة وأمة ، بطل نكاح الأمة فكذلك إذا أفردها بالعقد مع قدرته على الحرة .
وتحريره : أن كل امرأتين لو جمع بينهما في العقد بطل نكاح إحداهما ووجب إذا أفردت بالعقد أن تبطل نكاحها كالأخت مع الأجنبية وكالمعتدة مع الخلية ، ولأن من تحته حرة هو ممنوع عن نكاح أمة ، وليس يخلو حال منعه من أربعة أقسام : إما أن يكون ؛ لأن تحته امرأة حرة وإما أن يكون ؛ لأنه جامع بين حرة وأمة وإما أن يكون لأنه قادر على نكاح حرة ، وإما أن يكون ؛ لأنه جامع بين حرة وأمة وإما أن يكون لأنه قادر على نكاح حرة ، وإما أن يكون ، لأنه قد أمن العنت ، فبطل أن يكون المنع ؛ لأن تحته حرة ، لأنه لو عقد على حرة وأمة بطل نكاح الأمة ، وإن لم يكن تحته حرة وبطل أن يكون المنع ، لأنه جامع بن حرة وأمة ؛ لأنه لو نكح أمة جاز أن ينكح بعدها حرة فيصير جامعاً بين أمة وحرة ، وإذا بطل هذان القسمان صار عليه المنع هو القسمان الآخران وهو القدرة على نكاح حرة ، وأنه أمن من العنت فصار وجود هذين علة في التحريم وعدمها علة في التحليل .
فأما الجواب عن استدلالهم بقوله تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) ( النساء : 3 ) فهو أن استدلالهم فيها بالعموم متروك بما ذكرناه من النص في التخصيص واستدلالهم منها بالنص باطل ؛ لأنه تعالى قال : ( فَإنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةٌ أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ ) ( النساء : 3 ) فكان هذا تخييراً بين العقد على حرة وبين وطء الإماء بملك اليمين ولم يكن تخييراً بين العقد على حرة والعقد على أمة ؛ لأن الله تعالى لم يشرط في ملك اليمين عدداً فوجب أن يكون محمولاً على ما شرط فيه العدد من التسري بهن دون ما يشترط فيه العدد من عقد النكاح عليهن .
وأما استدلالهم بقوله تعالى : ( وَلأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَة ) ( البقرة : 221 ) فالمراد بالمشركة هاهنا الوثنية دون الكتابية ؛ لأن الله تعالى قد فصل بينهما ؛ وإن جاز أن يعمهما اسم الشرك فقال : ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمْ البَيِّنَةِ ) ( البينة : 1 ) وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّم ) ( البينة : 6 ) وإذا كان المراد بها الوثنية فنكاح الأمة المؤمنة خير من نكاحها ؛ لأنها قد تحل إذا وجد شرط الإباحة والوثنية لا تحل بحال .
وأما قياسهم على العادم للطول والخائف للعنت بعلة أنه ليس تحته حرة فمنتقض بمن تحته أربع : إما لا يجوز له عنده أن ينكح أمة ، وإن لم يكن تحته حرة ثم المعنى في الأصل أن العادم للطول عاجز عن الحرة ، والواجد قادر فلا يجوز أن يقاس القادر على البذل على العاجز عنه كالواجد لثمن الرقبة في الكفارة لا يجوز أن يقاس على العادم لثمنها .
وأما قياسهم على العبد فالمعنى فيه : أنه لا عار على العبد في استرقاق ولده فجاز أن لا يعتبر فيه خوف العنت ، وعلى الحر عار في استرقاق ولده فاعتبرت ضرورته لخوف العنت .