پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص235

تقديره من لم يجد طولاً وخاف العنت نكح الأمة ، والحكم إذا علق بشرطين انتفى بعدم ذلك الشرطين ، وتعذر أحدهما .

فإن قالوا فقوله : ( ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات ) محمول على الوطء ؛ لأن حقيقة النكاح هو الوطء ، ويكون تقديره : ومن لم يستطيع منكم طولاً وطء حرة لعدمها تحته حل له نكاح أمة وكذا يقول ، فعن هذا ثلاثة أجوبة :

أحدها : أن النكاح عندنا حقيقة في العقد دون الوطء . وهكذا كل موضع ذكر الله تعالى النكاح في كتابه فالمراد به العقد دون الوطء ، وكذلك هاهنا .

والجواب الثاني : أن الطول بالمال معتبر في العقد دون الوطء فكان حمل النكاح على العقد الذي يعتبر فيه الطول أولى من حمله على الوطء الذي لا يعتبر فيه الطول أولى .

والجواب الثالث : أن حمله على الوطء يسقط اشتراط العنت وحمله على العقد لا يسقطه فكان حمله على العقد الذي يجمع فيه بين شرطيه أولى من حمله على الوطء الذي يسقط أحد شرطيه .

فإن قالوا : فيحمل قوله : ( فَمِن مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ ) ( النساء : 25 ) على وطئها بملك اليمين لا بعقد النكاح ، فالجواب عن هذا أن في سياق الآية ما يدل على بطلان هذا التأويل من ثلاثة أوجه :

أحدها : قوله : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً ) ( النساء : 25 ) وليس عدم الطول شرطاً في وطء الأمة بملك اليمين .

والثاني : قوله : ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإذْنِ أهْلِهِنَّ ) ( النساء : 25 ) وليس يراعي في وطئه بملك يمينه إذن أحد .

والثالث : وليس خوف العنت شرطاً في وطئها بملك اليمين ، فبطل هذا التأويل وصح الاستدلال بالآية .

ومن طريق الإجماع أنه مروي عن ابن عباس ، وجابر أما ابن عباس فروى عنه البراء وطاوس أنه قال : من ملك ثلاثمائة درهم وجب عليه الحج وحرم عليه الإماء .

وأما جابر فروى عنه ابن الزبير أنه قال : ‘ من وجد صداق حرة فلا ينكح أمة ‘ وليس يعرف لقول هذين الصحابين مع انتشاره في الصحابة مخالف فكان إجماعاً لا يجوز خلافه .

ومن طريق القياس : أنه مستغن عن نكاح أمة فلم يجز لها نكاحها قياساً على من تحته حرة ؛ وإن ثبت أن تقول منعن عن استرقاق ولده قياساً على هذا الأصل ، وتقول حرة من العنت قادر على وطء حرة قياساً على هذا الأصل ، أو تقول حراً من العنت قياساً على هذا الأصل فتعلله بما شئت من أحد هذه الأوصاف الأربعة والوصف الأخير أشدها ولأن من قدر على قيمة المبدل الكامل كان كمن قدر عليه في تحريم الانتقال إلى المبدل الناقص كالانتقال في الطهارة من الماء إلى التراب ، وفي الكفارة من الرقية إلى الصيام ، ولأنه لو