والثالث : ليس له منعها من شرب القليل الذي يرون شربه في أعيادهم عبادة وله أن يمنعها من الزيادة عليه سواء أسكر أو لم سكر مراعاة فيه العبادة ، ولم يراعي فيه السكر وهذا الوجه أشبه .
فأما المسلمة فللزوج منعها من شرب الخمر قليله وكثيره ، وكذلك من سائر المحرمات ، فأما النبيذ فإن كان الزوجان شافعيين يعتقدان تحريم النبيذ كالخمر فله منعها من قليله وكثيره ، وإن كانا حنفيين يعتقدان إباحة النبيذ كان كالخمر في حق الذمية فله منعها أن تشرب منه قدر ما يسكرها ، وهل يمنعها من قليله الذي لا يسكرها فعلى قول أبي علي بن أبي هريرة يمنعها منه قولاً واحداً ، وعلى قول أبي حامد يكون على قولين .
فصل
فأما الخنزير فله منع المسلمة من أكله بلا خلاف ، فأما الذمية ، فإن كانت يهودية ترى تحريم أكله ثم أكلته منعها منه كما يمنع منه المسلمة ، وإن كانت نصرانية ترى إباحة أكله فقد اختلف أصحابنا فالذي عليه أكثرهم أن له منعها منه قولاً واحداً ؛ لأن نفور نفس المسلم منه أكثر من نفورها من الخمر فصار مانعاً من الاستمتاع ؛ ولأن حكم نجاسته أغلظ فهي لا تكاد تطهر منه ، ويتعدى النجاسة منها إليه ، وكان أبو حامد الإسفراييني يقول : هذا يمنع من كمال الاستمتاع مع إمكانه وتحريم منعها منه على قولين ، فإن أكلت منه كان له إجبارها على غسل فمها ويدها منه لئلا يتعدى نجاسته إليه إذا قبل أو باشر ، وفي قدر ما يجبرها عليه من غسله وجهان :
أحدهما : سبع مرات إحداهن بالتراب مثل ولوغه .
والوجه الثاني : يجبرها على غسله مرةً واحدة بغير تراب ؛ لأنه يجبرها على غسله في حق نفسه لا في حق الله تعالى فأجزأ فيه المرة الواحدة كما يجزئ في غسل الحيض بغير نية .
فصل
فأما أكل ما يتأذى بريحه من الثوم والبصل ، وما أنتن من البقول والمأكل فالمسلمة والذمية فيه سواء وينظر فإن كانت لدواء اضطرت إليه لم يمنعها منه ، وإن كان لشهوة وغذاء فهذا يمنع من كمال الاستمتاع مع إمكانه ، فهل يمنعها منه أم لا ؟ على قولين .
فصل
فأما البخور بما تؤذي رائحته فإن كان لدواءٍ لم تمنع ، وإن كان لغير دواء ، فعلى قولين ولا فرق فيما منعه من هذا كله بين أن يكون في زمان الطهر أو في زمان الحيض ، لأن زمان الحيض وإن حرم فيه وطئها فإن يحل فيه الاستمتاع بما سواه من القبلة والمباشرة فصار المانع منه في حكم المانع من الوطء .
فصل
فأما الثياب فله أن يمنعها من لبس ما كان نجساً ؛ لأنه قد ينجسها ويتنجس بها وهو أدوم من نجاسة الخنزير والتحرز منه أشق فلذلك منعت منه قولاً واحداً ، وهل يمنع من لبس ما كان منتن الرائحة بصبغ أو بخور أو سهوكة طعام أم لا ؟ على قولين .
فأما لبس الحرير والديباج واستعمال الطيب والبخور لا يمنع منه ؛ لأنه ادعى إلى