الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص228
والآخر : للزوج يصح بغير نية فكان له إجبارها في حق نفسه لا في حق الله تعالى فلذلك أجزى بغير نية ، ألا ترى أنه يجبر زوجته المجنونة على الغسل في حق نفسه وإن لم يكن عليها في ق الله تعالى غسلٌ ، وغير ذات الزوج تغتسل في حق الله تعالى ، وإن لم يكن للزوج عليها حق ، وكذلك نجبر الذمية على الغسل من النفاس ؛ لأنه يمنع من الوطء كالحائض ، فأما إجبار الذمية على الغسل من الجنابة ، ففيه قولان :
أحدهما : لا يجبرها عليه بخلاف الحيض ؛ لأنه قد يستبيح وطء الجنب ، ولا يستبيح وطء الحائض فافترقا في الإجبار .
والقول الثاني : أنه يجبرها عليه ، وإن جاز وطئها مع بقائه ؛ لأن نفس المسلم قد تعاف وطء من لا تغتسل من جنابة ، فكان له إجبارها عليه ليستكمل به الاستمتاع ، وإن كان الاستمتاع ممكناً فأما الوضوء من الحدث فليس له إجبارها عليه قولاً واحداً لكثرته وأن النفوس لا تعافه ، وإنه ليس يصل إلى وطئها إلا بعد الحدث فلم يكن لإجبارها عليه تأثير .
قال الماوردي : وأصل ما يؤثر في الاستمتاع بالزوجة ضربان :
أحدهما : ما منع من أصل الاستمتاع .
والقول الثاني : ما منع من كمال الاستمتاع فأما المانع من أصل الاستمتاع فهو ما لا يمكن معه الاستمتاع كالغسل من الحيض ، والنفاس فللزوج إجبار زوجته الذمية عليه ، وأما المانع من كمال الاستمتاع فهو ما تعافه النفوس مع القدرة على الاستمتاع كالغسل من الجنابة ، ففي إجبارها عليه قولان ، وإذا استقر هذا الأصل ، فقد قال الشافعي : ‘ والتنظيف بالاستحداد ‘ ؛ وهو أخذ شعر العانة مؤخوذ من الحدية التي يحلق بها ، فإن كان شعر العانة قد طال وفحش ، وخرج عن العادة حتى لم يمكن معه الاستمتاع أجبر زوجته على أخذه ، سواء كانت مسلمة أو ذمية ، وإن لم يفحش وأمكن معه الاستمتاع ، ولكن تعافه النفس ، ففي إجبارها على أخذه قولان ، وإن لم تعافه النفس لم يجبرها على أخذه قولاً واحداً .
قال أحمد بن حنبل : والسنة أن يستحد الأعزب كل أربعين يوماً ، والمتأهل كل عشرين يوماً ، فإن قاله نقلاً مأثوراً عمل به ، وإن قاله اجتهاداً ، فليس لهذا التقدير في الاجتهاد أصل مع اختلاف الحلق في سرعة نبات الشعر في قوم وإبطائه في آخرين واعتباره بالعرف أولى ، وأما الأظفار إذا لم تطل إلى حد تعافها النفوس لم يجبرها على أخذها ، وإن عافت النفوس طولها ففي إجبارها على أخذها قولان ، وهكذا غسل رأسها إذا سهك ، أو قمل ، وغسل جسدها إذا راح وأنتن ، ففي إجبارها عليه قولان ؛ لأن النفوس تعافه .