الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص224
نسائهم ؛ لأنهم إذا جمعهم أصل المعتقد لم يكن خلافهم في فروعه مؤثر كما يختلف المسلمون مع اتفاقهم على أصل الدين في فروع لا توجب تباينهم ولا خروجهم عن الملة .
والقسم الثاني : أن يخالفوا اليهود والنصارى في أصول معتقدهم ، وأن يوافقوهم في فروعه ويكذب السامرة بموسى والتوراة ، ويكذب الصابئون بعيسى والإنجيل ، فهؤلاء كعبدة الأوثان لا يقبل لهم جزية ، ولا يؤكل لهم ذبيحة ، ولا تنكح منهم امرأة ؛ لأنهم لم يكونوا على حق فيراعى فيهم ، ولا تمسكوا بكتاب فيحفظ عليهم حرمته فيؤخذوا بالإسلام أو بالسيف ، وحكى أن القاهر استفتى أبا سعيد الإصطخري فيهم فأفتاه أن يقتلهم ؛ لأنهم يقولون إن الفلك هو حي ناطق ، وأن الكواكب السبعة آلهة مدبرة فهم بقتلهم ، فبذلوا له مالاً فكف عنهم .
والقسم الثالث : أن يشك فيهم فلا يعلم هل وافقوا اليهود والنصارى في الأصول دون الفروع ، أو في الفروع دون الأصول فهؤلاء كمن شك في دخوله في اليهودية والنصرانية هل كان قبل التبديل أو بعده فيقرون بالجزية حقناً لدمائهم ، ولا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم .
أحدهما : أنه لا كتاب لهم لقوله تعالى : ( إنَّمَا أَنْزَلَ الكِتَابِ عَلَى طَائِفَتَيْنِ ) ( الأنعام : 156 ) يعني اليهود والنصارى ، فدل على أنه لا كتاب لغيرهما ؛ ولأن عمر لما أشكل عليه أمرهم سأل الصحابة عنهم فروى له عبد الرحمن بن عوف أن النبي ( ص ) قال : ‘ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ‘ فلما أمر بإجرائهم مجرى أهل الكتاب دل على أنه ليس لهم كتاب فعلى هذا القول يجوز قبول جزيتهم لهذا الحديث ، وأن عمر أخذ الجزية منهم بالعراق وقد روى أن النبي ( ص ) : ‘ أخذ الجزية من مجوس هجر ‘ فأما أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم فلا يجوز لعدم الكتاب فيهم .
والقول الثاني فيهم : أنهم أهل كتاب ؛ لأن الله تعالى يقول : ( مِنَ الَّذِينَ أُوْتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ ) ( التوبة : 29 ) وقد ثبت أخذ الجزية منهم فدل على أنهم من أهل الكتاب وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال : وكانوا أهل كتاب ‘ وأن ملكهم سكر فوقع على ابنته أو أخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته فلما صحا جاؤا يقيمون عليه الحد فامتنع منهم فدعا آل مملكته فقال : ‘ تعلمون ديناً خيراً من دين آدم فقد كان آدم ينكح بنيه من بناته فأنا على دين آدم ما يرغب بكم عن دينه فبايعوه وخالفوا الدين وقاتلوا الذين خالفوهم حتى قتلوهم فأصبحوا وقد أسرى على كتابهم فرفع من بين أظهرهم وذهب العلم الذي في