الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص223
قال فيه : ( قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللهَ ) ( آل عمران : 64 ) الآية فجعلهم أهل الكتاب ؛ ولأن الحرمة للدين والكتاب لا للنسب ؛ فلذلك ما استوى حكم بني إسرائيل وغيرهم فيه .
والصنف الثاني : أن يكونوا قد دخلوا فيه بعد التبديل فهؤلاء لم يكونوا على حق ولا تمسكوا بكتاب صحيح ، فصاروا إن لم يكن لهم حرمة كعبدة الأوثان في ، أن لا تقبل لهم جزية ، ولا يؤكل لهم ذبيحة ، ولا تنكح منهم امرأة .
والصنف الثالث : أن يشك فيهم هل دخلوا فيه قبل التبديل أو بعده كنصارى العرب كوج وفهر وتغلب فهؤلاء شك فيهم عمر فشاور فيهم الصحابة ، فاتفقوا على إقرارهم بالجزية حقنا لدمائهم ؛ وأن لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم ؛ لأن الدماء محقونة فلا تباح بالشك والفروج محظورة لا تستباح بالشك ، فهذا حكم أهل الكتاب من اليهود والنصارى .
فأما السامرة : فهم صنف اليهود الذين عبدوا العجل حين غاب عنهم موسى مدة عشرة أيام بعد الثلاثين ، واتبعوا السامري فرجع موسى إلى قومه فأنكر عليهم عبادة العجل ، وأمرهم بالتوبة ، وقتل أنفسهم فمنهم من قتل .
وأما الصابئون فهم صنف من النصارى وافقوهم على بعض دينهم وخالفوهم في بعضه ، وقد يسمى باسمهم ويضاف إليهم قوم يعبدون الكواكب ويعتقدون أنها صانعة مدبرة فنظر الشافعي في دين الصابئين والسامرة : فوجده مشتبهاً فعلق القول فيهم لاشتباه أمرهم فقال هاهنا : أنه من اليهود والنصارى إلا أن يعلم أنهم يخالفوهم في أصل ما يحلون ويحرمون فيحرمون وقطع في موضع آخر أنه منهم ، وتوقف في موضع آخر فيهم ، وليس ذلك لاختلاف قوله ولكن لا يخلو حالهم من ثلاثة أقسام : فقال إن وافقوا اليهود والنصارى في أصل معتقدهم ويخالفوهم في فروعه فيقر السامرة بموسى والتوراة ، ويقر الصابئون بعيسى والإنجيل ، فهؤلاء كاليهود والنصارى في قبول جزيتهم ، وأكل ذبائحهم ، ونكاح