الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص204
قال الماوردي : وهذا كما قال ، الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها حرام بعقد النكاح وملك اليمين ، كالجمع بين أختين ، وهو قول الجمهور ، وحكي عن الخوارج وعثمان البتي أنه لا يحرم الجمع بينهما في نكاح ولا ملك يمين ، وحرم داود الجمع بينهما في النكاح دون ملك اليمين ، فأما داود فقد مضى الكلام معه في الجمع بين الأختين ، وأما البتي والخوارج فاستدلوا بأن تحريم المناكح مأخوذ من نص الكتاب دون السنة ولم يرد الكتاب بذلك فلم يحرم وهذا خطأ ، لأن كل ما جاءت به السنة يجب العمل به كما يلزم بما جاء به الكتاب قال الله تعالى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إلاَّ وَحِيٌ يُوْحَى ) ( النجم : 3 و 4 ) وقد جاءت السنة بما رواه مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ‘
وروى داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها ، ولا تنكح المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها ولا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى ‘ وهذان الحديثان نص والثاني أكمل ، وهما وإن كانا خبري واحد فقد تلقته الأمة بالقبول وعمل به الجمهور فصار بأخبار التواتر أشبه فلزم الخوارج العمل به ، وإن لم يلتزموا أخبار الآحاد ، ولأن الأختين يحرم الجمع بينهما ؛ لأن إحداهما لو كان رجلاً حرم عليه نكاح أخته كذلك المرأة وخالتها وعمتها يحرم الجمع بينهما ؛ لأنه لو كان إحداهما رجلاً حرم عليه نكاح عمته وخالته .
فأما الجمع بين المرأة وبين بنت عمتها أو بينها وبين بنت عمها فيجوز وكذلك الجمع بين المرأة وبنت خالتها أو بينهما وبين بنت خالها فيجوز ؛ لأن إحداهما لو كان رجلاً لجاز أن يتزوج بنت عمه وبنت عمته وبنت خاله وبنت خالته ، وهذا هو أصل في تحريم الجمع وإخلاله بين ذوات الأنساب وبهذا المعنى حرمنا عليه الجمع بين المرأة وعمة أبيهما وعمة أمها وبينهما وبين خالة أبيها وخالة أمها ، لأن أحدهما لو كان رجلاً حرم عليه نكاح الأخرى ، والله أعلم .
قال الماوردي : اعلم أن الجمع بين مناكح ذوات الأنساب ينقسم ثلاثة أقسام : قسم