الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص203
فأما الاستدلال بعموم الآيتين فقد خصه قوله تعالى : ( وَأنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ ) ( النساء : 23 ) وأما قوله بأن تحريم العدد لما حرم بالنكاح كذلك تحريم الجمع .
فالجواب عنه أن تحريم العدد إنما ثبت في الزوجات خوفاً من الجور فيما يجب لهم من النفقة والكسوة والقسم وهذا معدوم في الإماء ، لأن نفقاتهن وكسوتهن في أكسابهن ولا قسم لهن فأمن الجور فافترقا في تحريم العدد وهما في المعنى الذي أوجبت تحريم الجمع سواء ؛ لأن خوف التقاطع والتباغض والتحاسر ، وهذا موجود في الإماء كوجوده في الزوجات فاستويا في تحريم الجمع لاشتراكهما في معناه وإن افترقا في تحريم العدد لافتراقهما في معناه وأما قول داود : إن الجمع بينهما في الوطئ غير ممكن ، فعنه جوابان :
أحدهما : أنه قد يمكن الجمع بينهما في الاستمتاع بأن يضاجعهما معاً ويلمسهما وهذا محرم في الأختين .
والثاني : أنه قد ينطلق اسم الجمع على فعل الشيء بعد الشيء كالجمع بين الصلاتين ، كذلك بين الوطئين فيكون الجمع جمعين جمع متابعة وجمع مقارنة .
والثالث : أن الصحابة قد جعلته من معنى الجمع ما نهت عنه ولم تجعله مستحيلاً .
وحكي عن قتادة أنه إذا عزم على أن يطأ التي وطئ حلت له الأخرى ، وهذا خطأ ؛ لأن التحريم يقع بأسبابه لا بالعزم عليه وقد يحرم عليه بسببين أخرين ليسا من فعله وهما : الرضاع والردة ، فأما التدبير : فلا يحرم ثم إذا أخرج الثانية بأحد ما ذكرنا عادت الأولى إلى إباحتها وحل له الاستمتاع بها فلو أنه حين استمتع بالأولى استمتع بالثانية قبل تحريم الأولى عليه كان بوطء الثانية عاصياً ولم تحرم الأولى عليه بمعصية لوطء الثانية قال الشافعي : وأحب أن يمسك عن وطأ الأولى حتى يستبرأ الثانية ؛ لأن لا يجمع ماؤه في أختين فإن وطئها قبل استبراء الثانية جاز وإن أساء .