پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص189

بالزاني لعموم قوله تعالى : ( الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا ) الآية ( النور : 3 ) ولما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : فعليك بذات الدين تربت يداك وإذا كان كذلك فالكلام في نكاح الزانية يشتمل على ثلاثة فصول :

أحدها : في الرجل إذا زنا بامرأة هل يحل له نكاحها أم لا ؟

والفصل الثاني : في زوجة الرجل إذا زنت هل يبطل نكاحها أم لا ؟ .

فأما الفصل الأول في الرجل إذا زنا بامرأة فيحل له أن يتزوجها وهو قول جمهور الصحابة والفقهاء ، وذكر عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه والحسن البصري أنها قد حرمت عليه أبداً فلا يجوز أن يتزوجها بحال .

وقال أبو عبيدة وقتادة وأحمد بن حنبل وإسحاق : إن تابا من الزنا حل أن يتزوجها وإن لم يتوبا لم يحل .

قالوا : والتوبة أن يخلو أحدهما بصاحبه فلا يهم به استدلالاً بقوله تعالى : ( الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إلاَّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٍ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ ) ( النور : 3 ) فكان ما تقدم من المنع وتعقب من التحريم نصاً لا يجوز خلافه .

ودليلنا قوله تعالى بعد ذكر المحرمات من ذوات الأنساب : ( وَأَحَلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ) ( النساء : 24 ) .

فكان على عمومه في العفيفة والزانية .

وروى ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي ( ص ) قال لا يحرم الحرام الحلال وهذا نص ؛ ولأنه منتشر في الصحابة بالإجماع روي ذلك عن أبي بكر وعمر وابن عمر وابن عباس وجابر فروي عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال ؛ إذا زنى رجل بامرأة لم يحرم عليه نكاحها .

وروي عن عمر رضي الله عنه أن رجلاً تزوج امرأة وكان لها ابن عم من غيرها ولها بنت من غيره ففجر الغلام بالجارية وظهر بها حمل ، فلما قدم عمر مكة رفع إليه فسألهما فاعترفا ، فجلدهما عمر الحد وعرض أن يجمع بينهما فأبى الغلام .

وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان له أمة وعبد فظهر بالأمة حمل فاتهم بها الغلام فسأله فأنكر وكان للغلام إصبع زائدة ، فقال : له إن أتت بولد له أصبع زائدة جلدتك فقال : نعم ، فوضعت ولداً له أصبع زائدة فجلده ثم زوجه بها .

وروي عن ابن عباس : أنه سئل أيتزوج الزاني بالزانية ، فقال : نعم ، ولو سرق رجل من كرم عنباً لكان يحرم عليه أن يشتريه فهذا قول من ذكرنا ولم يصح عن غيرهم خلافه فصار إجماعاً .

فأما استدلالهم بالآية ، فقد اختلف أهل التأويل فيها على ثلاثة أقاويل :