پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص186

أراد الابن أن يزوجه بنفسه لم يجز ؛ لأن الأب رشيد لا يولي عليه ولكن يتزوج الأب ويلتزم الابن صداق الزوجة ثم نفقتها وكسوتها ، وليس للأب أن يغالي في صداق زوجته ، وفيما يستحقه من ذلك وجهان :

أحدهما : أقل صداق من تكافئه من النساء اعتباراً بحاله .

والوجه الثاني : من يستمتع بها من جميع النساء اعتباراً بحاجته ، وليس على الابن أن يحمله على تزويج من لا متعة فيها من الأطفال ، وعجائز النساء ، وذوات العيوب التي يفسخ بها النكاح ومن تشوه خلقها لنفور النفس عنها ، وتعذر الاستمتاع بهن لكن لا فرق بين المسلمة والذمية ، فأما الأمة فلا يجوز أن يزوجه بها ؛ لأن الأمة لا يتزوجها إلا من عدم الطول وهو بالابن واجد للطول فهذا حكم إعفافه بالتزويج .

فأما إعفافه بملك اليمين فالابن بالخيار بين أن يهب له أمة من إمائه على الوصف الذي ذكرنا ببذل وقبول وإقباض ؛ لينتقل بصحة الهبة بالبذل والقبول واستقرارها بالقبض في ملك الابن إلى ملك الأب وبين أن يأذن له في ابتياع أمة يدفع عنه ثمنها ، فإن ابتاعها الابن له نظر ، فإن كان بإذنه صح الشراء له ، وجاز له الاستمتاع بها لاستقرار حكمه فيها وإن كان بغير إذنه فالشراء للابن دون الأب ؛ لأن الشراء للرشيد بغير إذنه لا يصح ، فإن استأنف الابن هبتها له على ما ذكرنا صارت ملكاً له بالهبة دون الشراء وجاز له الاستمتاع بها ثم على الابن التزام نفقتها وكسوتها كالحرة فلو أذن الابن لأبيه في وطء أمة له لم يهبها له لم يجز للأب وطئها لأن الأمة لا يجوز وطئها إلا بملك يمين أو عقد نكاح ، والأب لا يملكها بهذا الإذن ، ولا يصح أن يتزوجها لوجود الطول ، فلو زوجه الابن أو سراه فأعتق الأب أو طلق لم يلزم الابن أن يزوجه ويسر به ثانية بعد طلاقه ؛ لأن الأب قد استهلك بنفسه ما استحقه من ذلك ، فلو ألزم الابن مثله لفعل الأب مثله فأدى إلى ما لا نهاية له ولكن لو ماتت الزوجة أو الأمة حتف أنفها ، ففي وجوب إعفافه على الابن ثانية وجهان :

أحدهما : يجب عليه لبقاء السبب الموجب له وأنه غير منسوب إلى تفويت حقه منه .

والوجه الثاني : أنه لا يجب عليه غير الأولى لأنه عقد يوضع للتأبيد في الأغلب والله أعلم .

مسألة

قال الشافعي : ‘ وقال الله تعالى ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) ( المؤمنون : 5 ) الآية وفي ذلك دليلٌ على أن الله تبارك وتعالى أراد الأحرار لأن العبيد لا يملكون وقال عليه السلام ‘ من باع عبداً وله مالٌ فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ‘ فدل الكتاب والسنة أن العبد لا يملك مالاً بحالٍ وإنما يضاف إليه ماله كما يضاف إلى الفرس سرجه وإلى الراعي غنمه ( فإن قيل ) فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنه أن العبد يتسرى ( قيل ) وقد روي خلافه قال ابن عمر رضي الله عنهما لا يطأ الرجل إلا وليدةً إن شاء باعها وإن شاء وهبها وإن شاء صنع بها ما شاء ‘ .