الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص180
آخرون : بل نقل المزني صحيح في تزويج الأب بجارية ابنه ، ثم اختلفوا في صحة هذا النقل على وجهين :
أحدهما : أنه عام في جواز تزويجه بها ، وأنه قول ثان للشافعي أنه لا يلزم الابن إعفاف أبيه كما لا يلزم الأب إعفاف ابنه .
والوجه الثاني : أنه جوز تزويجه بها في موضع مخصوص لا على العموم ، وإن كان إعفافه على الابن واجباً ، ومن قال بهذا اختلفوا في موضع الخصوص الذي يجوز فيه تزويجه بها على وجهين :
أحدهما : أن أباه كان مملوكاً فزوجه بأمته ، لأن إعفافه لا يجب عليه ولو كان حراً لم يجز .
والثاني : أن الابن كان معسراً لا يملك غير الأمة وهو إليها محتاج فزوجه بأمته ، لأنه معسراً لا يجب عليه إعفاف أبيه ، ولو كان معسراًَ لم يجز ، فعلى هذا إذا كان له على هذا الوجه المخصوص أو على ما تقدم من الوجه العام فتزويج أبيه بأمته لم تصر بإحبال الأب أم ولد فإن صارت بإحباله لها في غير نكاح أم ولد .
والفرق بينهما أنه إذا وطئها بشبهة الملك من غير نكاح كان الولد حراً فانتشرت حرمته وتعدت إلى أمه فصارت به أم ولد ، وإذا وطئها في نكاح كان الولد مملوكً ليس له حرمة حرية تقعد إلى الأمم فلم تصر به أم ولد .
وأما استدلاله الثاني : في أنه ليس بمالك فخالف الشرك المالك فهو محجوج به ، لأنه لما صارت حصة غير الواطىء أم ولد للواطىء ، وليست ملكاً له ولا له فيها شبهة ملك فلأن تصير جارية الابن أم ولد للأب ، لأن له فيها شبهة ملك وإن لم يكن له فيها ملك أولى .
وأما استدلاله الثالث : بأنه لما لم تصر حصة الشريك باعتبار الواطئ أم ولد للشريك الواطئ وله ملك فلأن لا تصير للأب الذي ليس له ملك أولى ، فهو خطأ ، لأن إعسار الأب مخالف لإعسار الشريك ، لأن الأب يقوي شبهته بإعساره لوجوب إعفافه والشريك تضعف شبهته بإعساره في أنه لا يتعدى عتقه إلى حصة الشريك ، ثم يسار الأب مخالف ليسار الشريك ، لأن الأب مساوياً ليسار الشريك لا لإعساره ، وقد ثبت أن يساره موجب لكونها أم ولد فكذلك الأب .