الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص176
معسر وهذا من ذلك أبعد ( قال ) وإن لم يحبلها فعليه عقرها وحرمت على الابن ولا قيمة له بأن حرمت عليه وقد ترضع امرأة الرجل بلبنه جاريته الصغيرة فتحرم عليه ولا قيمة له ‘ .
قال الماوردي : وصورتها في رجلٍ وطء جارية ابنه فقد أثم بوطئه لقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُهُمْ ) ( المؤمنون : 5 ، 6 ) . ولا ملك يمين فلم يحل له وطئها ، فإن قيل : فلو كان هذا الأب من يستحق على ابنه أن يعفه فكان له باستحقاق الإعفاف أن يطأ جاريته إذا منعه من الإعفاف كما إذا منع من حق أن يتوصل إلى استعفافه .
قيل : لا يجوز له ذلك وإن منع من الإعفاف بعد استحقاقه لأنه ليس يتعين حق إعفافه في هذه الأمة ، وإن للابن أن يعدل إلى إعفافه بغيرها من الإماء أو النساء فلذلك صارت مع استحقاقه محرمة ، وإذا كان كذلك لم يخل وطء الأب لها من أحد أمرين إما أن يحبلها ، أو لا يحبلها فالكلام في وطئها يشتمل على أربعة أحكام :
أحدها : في وجوب الحد .
والثاني : في وجوب المهر .
والثالث : في ثبوت التحريم .
والرابع : في وجوب القيمة .
فأما الفصل الأول : في وجوب الحد فلا يخلو حال الأمة الموطوءة من أن يكون الابن قد وطئها قبل ذلك أو لم يطئها ، فإن لم يكن الابن قد وطئها فلا حد على الأب في وطئها ، وهو قول جمهور الفقهاء ، وحكي عن الزهري وأبي ثور ، وجوب الحد عليه استدلالاً بأنه لما حد الابن بوطئه جارية الأب مع وجود الشبهة في ماله الذي يسقط بها عنه قطع السرقة ، وجب أن يحد الأب بوطئه جارية الابن ، وإن كانت له شبهة في ماله يسقط بها عنه قطع السرقة ، وهذا خطأ لقول النبي ( ص ) : ‘ أنت ومالك لأبيك ‘ ولقوله ( ص ) : ‘ أولادكم من كسبكم فكلوا من طيب كسبكم ‘ فلما تميز الأب في مال الابن بهذا الحكم قويت شبهته فيه عن شبهة الابن في مال الأب فوجب لقوة شبهته على شبهة الابن أن يدرأ بها عنه الحد لقوله ( ص ) : ‘ ادرءوا الحدود بالشبهات ‘ ولأنه لما منع الابن من نفس أبيه قوداًَ منع من حداً ، لأن الأب لو قتل ابنه لم يقتص منه ولو قذفه لم يحد به ، ويقتل الابن بأبيه ويحد بقذفه فوجب أن يسقط الحد عن الأب بوطئه جارية الابن وإن لم يسقط الحد عن الابن بوطئه جارية الأب لأن الحد إن ألحق بحد القذف لم يجب ، وإن ألحق بالقود في النفس لم يجب ، وهذا دليل وانفصال ، ولأن على الابن إعفاف أبيه لو احتاج وليس على الأب إعفاف ابنه إذا احتاج فلما كان الوطء جنساً يجب على الابن تمكين أبيه منه ، ولم يجب على الأب تمكين ابنه منه وجب أن يسقط