الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص173
وبه قال أبو حنيفة : لأنها فرقة وقعت بالموت وخالفت الرضاع والردة لما فيهما من التهمة لاختيار الفرقة ، وأنه ليس في القتل تهمة باختيار الفرقة .
والوجه الثاني : – وهو قول أبي إسحاق المروزي ، وأبي سعيد الإصطخري ، وأبي حامد المروزي – أن الجواب على ظاهره فتكون لها المهر إن كانت حرة ولا يكون لها المهر إن كانت أمة وفرقوا بين الحرة والأمة من ثلاثة أوجه :
أحدها : ما قدمناه من فرق أبي سعيد الإصطخري أن الحرة في حكم المقبوضة لأن الزوج يقدر على الاستمتاع بها متى شاء فصار التسليم من جهتها موجوداً فاستحقت المهر بحدوث التلف والأمة بخلافها ، لأن الزوج لا يقدر على الاستمتاع بها إذا شاء حتى يرضى السيد فصار التسليم من جهتها غير موجود فسقط المهر .
والفرق الثاني : أن المقصود من نكاح الحرة الألفة والمواصلة دون الوطء لجواز عقده على من لا يمكن وطئها من صغيرة ورتقاء ، وذلك حاصل قبل الدخول فثبت لها المهر والمقصود من نكاح الأمة الوطء دون المواصلة ، لأنه لا يجوز له أن يتزوجها إلا من خوف العنت وذلك غير حاصل له قبل الدخول فسقط المهر .
والفرق الثالث : أن الحرة قد تستنفد ميراثها فجاز أن يغرم مهرها والأمة لم تستنفد ميراثها فلم تغرم مهرها والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا زوج السيد أمته ثم باعها صح البيع ولم يبطل النكاح لأمرين :
أحدهما : أن عائشة اشترت بريرة ، وهي ذات زوج فأثبت النبي ( ص ) الشراء ولم يبطل النكاح وخيرها بعد العتق بين المقام أو الفسخ .
والثاني : أن عقد النكاح تناول الاستمتاع وعقد البيع تناول الرقبة فتناول كل واحد من العقدين غير ما تناوله الآخر فصحا معاً ، كما لو أجرها ثم باعها فإن قيل : أفليس لو أجرها ثم باعها كان بيعها على قولين :
أحدهما : باطل ، فهلا كان بيعها بعد تزويجها على قولين قلنا : إن يد المستأجر حائلة ، لأن السيد يجبر على تسليمها له فجاز أن يبطل بيعها في أحد القولين ، ويد الزوج غير حائلة ، لأن السيد لا يجبر على تسليمها إليه فصح بيعها قولاً واحداً .