الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص172
قال الماوردي : اعلم أن الزوجة إذا هلكت بعد الدخول بها فلها جميع المهر ، لأنها قد استهلكته بالدخول سواء ماتت أو قتلت وسواء كانت حرة ، أو أمة ، فأما إذا هلكت قبل الدخول بها فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون هلاكها بالموت .
والثاني : أن يكون هلاكها بالقتل فإن كان هلاكها بالموت ، فمذهب الشافعي وجمهور أصحابه أن لها المهر سواء كانت حرة أو أمة ، لأن غاية النكاح مدة الحياة فإذا حدث الموت فقد انقضت مدة العقد فاستحقت بها جميع المهر .
وقال أبو سعيد الإصطخري : إن كانت حرة فلها جميع المهر ، وإن كانت أمة فلا شيء لها ، وفرق بينهما بأن الحرة في قبض الزوج ، لأنها مخيرة على المقام معه فإذا ماتت استحقت جميع المهر ، كالسلعة إذا تلفت بعض قبض المشتري لها استحق عليها ثمنها ، والأمة قبل الدخول في قبض السيد دون الزوج ، لأنها لا تخير على المقام معه إلا باختيار السيد فلم تستحق بالموت قبل الدخول مهراً كالسلعة إذا بلغت في يد بائعها سقط عن المشتري ثمنها .
أحدهما : أن تكون هي القاتلة .
والضرب الثاني : أن يقتلها غيرها ، فإن قتلها غيرها فضربان :
أحدهما : أن يقتلها الزوج فعليه مهرها حرة كانت أو أمة باتفاق جميع أصحابنا ، لأن الحرة كالمقبوضة ، والأمة وإن كانت في حكم غير المقبوضة فقد استهلكها مستحق قبضها فلزمه مهرها كما يلزم مشتري السلعة إذا استهلكها في يد بائعها جميع ثمنها ويصير الاستهلاك قبضاً كذلك القتل .
والضرب الثاني : أن يقتلها أجنبي غير الزوج فحكم قتله لها في حق الزوجية حكم الموت فيكون لها المهر على مذهب الشافعي حرة كانت أو أمة ، وعلى مذهب أبي سعيد الإصطخري يكون لها المهر إن كانت حرة ولا يكون لها المهر إن كانت أمة ، وإن كانت هي القاتلة لنفسها فقد قال الشافعي في الأمة : إنه لا مهر لها إذا قتلت نفسها أو قتلها غيرها .
وقال في الحرة : إن لها المهر إن قتلت نفسها فاختلف أصحابنا لاختلاف النص فيهما على وجهين :
أحدهما : – وهو قول أبي العباس بن سريج – أن اختلاف النص في الموضعين يوجب حملهما على اختلاق قولين : أحدهما : أنه لا مهر لها حرة كانت أو أمة لأن الفسخ جائز من قبلها قبل الدخول فأسقط مهرها كالردة والرضاع .