الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص170
ومن الفقهاء : مالك .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز إلا بعد انقضاء عدتهن .
وبه قال من الصحابة علي ، وابن عباس .
ومن التابعين : سفيان الثوري استدلالاً بعموم قوله تعالى : ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ ) وهذا نص لما به يعقد في أختين ، ولأنها معتدة في حقه في من طلاقه فلم يحل له العقد على أختها كالرجعية ، واحترز بقوله : ‘ من حقه ‘ من أن يدعي المطلق انقضاء عدتها وينكر ، فيكون القول قول المطلق في استباحة عقده على أختها ، والقول قولها في بقاء عدتها ، ويكون معتدة في حقها لا في حقه ، واحترز بقوله : ‘ من طلاقه ‘ من ردتها فإنه يجوز له أن يتزوج بأختها وإن كانت المرتدة في عدتها ومن أن يطأ أمة ثم يبيعها فيجوز أن يتزوج بأختها وإن كانت الأمة تستبرئ نفسها من وطئه ، قال : ولأن كل جمع منح منه عقد النكاح منعت منه العدة كالجمع بين زوجين ، لأن العقد قد حرم عليها نكاح غيره من الأزواج كما حرم عليه نكاح أختها من النساء ثم كان تحريم غيره باقياً عليها في العدة ، وجب أن يكون تحريم أختها باقياً عليها في العدة .
ودليلنا في قوله تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ ) ( النساء : 3 ) . وقد يطيب له نكاح أختها في عدتها ولأنه جمع حرم على الزوج بالعقد فوجب أن يرتفع بالطلاق كالمطلقة قبل الدخول فإن قيل فالمطلقة قبل الدخول لما لم يحرم عليها نكاح غيره لم يحرم عليه ، والمطلقة بعد الدخول لما حرم عليها نكاح غيره حرم عليه .
قيل : إنما حرم عليها بعد الدخول نكاح غيره ، لأنها معتدة ولم يحرم عليه ، لأنه غير معتد ، ولأنها مبتوتة يحل له نكاح أختها بعد العدة فحل له نكاح أختها قبل العدة كالمخبرة بانقضاء العدة ، ولأنها فرقة يمنع من وقوع طلاقه فوجب أن يبيح ما حرم من الجمع بعقدة كالوفاة ، ولأنها لا تحل له إلا بنكاح جديد فلم يحرم عليه نكاح أختها لأجلها كالأجنبية ، ولأن المبتوتة من العدة أغلظ تحريماً عليه من الأجنبية ، لأن الأجنبية تحل بالعقد في الحال ، وهذه لا تحل له إلا بعقد بعد عدتين وزوج فلم يجز وهي أغلظ تحريماً من الأجانب أن يحرم بها ما لا يحرم بالأجانب ولأن العدة تختص بالمرأة دون الزوج ، لقوله تعالى : ( وَالمُطَلَّقَاتً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ ) ( البقرة : 228 ) . فلو منعت من النساء ما منعت من الرجال للزم من العدة كما ألزمت ولو لزم من أحكام العدة كما لزمها لزمه سائر أحكامها من تحريم الطيب والزينة كما لزمها وفي المنع من إبراء أحكام العدة عليها فيما سوى النكاح منع من إجراء حكمها عليه في تحريم النكاح .
وأما الجواب عن قوله تعالى : ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ ) ( النساء : 23 ) . فهو أن الطلاق مفرق فكيف يصير به جامعاً ، والجمع من الاجتماع ، والفرقة ضد الاجتماع .
وأما قياسهم على الرجعية ، فتلك زوجته يقع عليها طلاقه ، وظهاره وتستحق بينهما