الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص167
والثاني : قوله بعد ذلك ( فَإنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةٌ أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُم ) ( النساء : 3 ) . ولو كان المرد تسعاً ولم يرد اثنين على الانفراد لقال : فإن خفتم ألا تعدلوا فثمان ليعدل عن التسع إلى أقرب الأعداد إليهما لا لبعده منهما ، لأنه قد لا يقدر على العدل في تسع ويقدر على العدل في ثمان ، ولو كان على ما قالوه لكان من عجز عن العدل في تسع حرم عليه أن ينكح إلا واحدة ولما جاز له اثنان ولا ثلاث ولا أربع ، وهذا مدفوع بالإجماع ثم الدليل مع نص السنة أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم ، ومعه عشر نسوة فقال له النبي ( ص ) : ‘ أمسك أربعاً وفارق سائرهن ‘ وأسلم نوفل بن معاوية وأسلم معه خمس فقال له النبي ( ص ) : ‘ أمسك أربعاً وفارق واحدة ‘ ولأنه ما جمع في الإسلام بعد رسول الله ( ص ) أحد تقييداً بفعله بين أكثر من أربع مع رغبتهم في الاستكثار وحرصهم على طلب الأولاد ، وأنهم قد استكثروا من الإماء واقتصروا على أربع من النساء ، فدل ذلك من إجماعهم على حظر ما عداه ، فأما رسول الله ( ص ) فقد خص في النكاح بما حرم على سائر أمته ، لأنه قد أبيح له النساء من غير عدد محصور ، وما أبيح للأمة إلا عدد محصور ، وليس وإن مات من تسع يجب أن يكون هي العدد المحصور فقد جمع رسول الله ( ص ) بين إحدى عشرة ومات عن تسع ، وكان يقسم لثمان .
وأما الإماء فلم يحصرن بعدد ممكن على الإطلاق .