الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص165
ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمُ ) ( الأحزاب : 70 ، 71 ) . الآية إلى آخرها .
وروي عن علي بن أبي طالب – رضوان الله تعالى عليه – أنه خطب ، فقال : المحمود لله والمصطفى رسول الله ( ص ) وخير ما افتتح به كتاب الله ، قال الله تعالى : ( وَانْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُم ) الآية .
وروي من خطب بعض السلف الحمد لله شكراً لأنعمه وأياديه ، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه ، وصلى الله على محمد صلاة تزلفه وتحظيه ، واجتماعنا هذا مما قضاه الله وإذن فيه والنكاح مما أمر الله به ورضيه ، قال الله تعالى : ( وَانْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُم ) ( النور : 32 الآية ) فتكون الخطبة على ما وصفنا
قال الشافعي : وأحب أن يقول الولي مثل ما قال ابن عمر : قد أنكحتها على ما أمر الله تعالى به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .
والأولى أن يبدأ الزوج بالخطبة ثم يعقبه الولي بخطبته ليكون الزوج طالباً ويكون الولي مجيباً ، فإن بدأ الولي بالخطبة ثم خطب الزوج بعده جاز ، فإن تقدمت خطبتهما قبل البذل والقبول أو قبل الطلب والإيجاب ثم عقد النكاح بعد الخطبتين بالبذل أو بالقبول أو بالطلب والإيجاب .
فقد قال أبو حامد الإسفراييني : إن العقد صحيح ، لأن ما تخللهما من الخطبة الثانية مندوب إليه في العقد فلم يفسد به العقد ، وهذا خطأ ، والصحيح وهو الظاهر من قول أصحابنا كلهم أن العقد باطل لأمرين :
أحدهما : تطاول ما بين البذل والقبول .
والثاني : أن أذكار الخطبة ليست من البذل ولا من القبول ، وما قاله من أن الخطبة الثانية مندوب إليها في العقد فلم يفسد بها العقد فصحيح إذا كانت في محلها قبل العقد ، فأما في خلال العقد فلم يندب إليها فجاز أن يفسد بها العقد – والله أعلم – .