پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص164

بعلي فخطبا جميعاً ، ولأنه عمل مقبول قد اتفق عليه أهل الأعصار في جميع الأمصار فكان إجماعاً لا يسوغ خلافاً ، ولأن ما وقع به الفرق بين ما يستبشر به من الزنا ويعلن من النكاح كان واجباً في النكاح كالولي والشهود .

والدليل على صحة ما ذهبنا إليه من استحبابها دون وجوبها هو قول جمهور الفقهاء : قول الله تعالى : ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإذْنِ أَهْلِهِنَّ ) ( النساء : 25 ) . فجعل الإذن شرطاً دون الخطبة ولأن النبي ( ص ) حين زوج الواهبة لنفسها من خاطبها قال : قد زوجتكها بما معك من القرآن فلم يخطب .

وروي أن رجلاً من بني سليم خطب من رسول الله ( ص ) أمامة بنت عبد المطلب فأنكحه ولم يخطب .

وروي أن الحسين بن علي رضي الله عنها زوج بعض بنات أخيه الحسن وهو يتعرق عظماً أي لم يخطب تشاغلاً به .

وروي أن ابن عمر زوج بنته فما زاد على أن قال : قد زوجتكها على ما أمر الله تعالى به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، ولأن الخطبة لو وجبت في النكاح لبطل بتركها ، وفي إجماعهم على صحة النكاح تركها دليل على استحبابها دون وجوبها ولأن النكاح عقد فلم تجب فيه الخطبة كسائر العقود ، فأما الاستدلال بالخبر فلم يخرج مخرج الأمر فيلزم وإنما أخبر أنه أبتر وليس في هذا القول دليل على الوجوب على أن للخبر سبب هو محمول عليه قد ذكرناه في أول الكتاب .

وأما استدلالهم بأن النبي ( ص ) ما عقد نكاحاً إلا بعد خطبة فقد قيل : إنه نكح بعض نسائه بغير خطبة وقد زوج الواهبة بغير خطبة وليس ما استدلوا به من العمل المنقول إجماعاً لما روينا من خلافه فلم يكن فيه دليل ولا في كونها فرقاً بين الزنا والنكاح دليل على وجوبها كالولائم .

فصل

فإذا ثبت استحباب الخطبة فهي مشتملة على أربعة فصول :

أحدها : حمد الله ، والثناء عليه .

والثاني : الصلاة على نبيه ( ص ) .

والثالث : الوصية بتقوى الله وطاعته .

والرابع : قراءة آية ، والأولى أن تكون مختصة بذكر النكاح كقوله تعالى : ( وَانْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ ) ( النور : 32 ) . وكقوله : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَراً ) ( الفرقان : 54 ) . الآية ، فإن قرأ آية لا تتعلق بذكر النكاح جاز ؛ لأن المقصود بها التبرك بكلام الله تعالى .

وقد رويت خطبة النبي ( ص ) أنه كان يقول فيها : الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه