پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص162

الصريح في لفظ المملك أقوى من اعتباره في لفظ المتملك ، وعند أبي حنيفة يكون النكاح منعقداً على أصله .

فصل

فأما إذا ابتدأ الولي فقال : زوجت بنتي على صداق ألف ، فقال الزوج قد تزوجتها على هذا الصداق لم يصح العقد حتى يعود الولي فيقول : قد زوجتكها ، لأن قوله في الابتداء زوجته بنتي ليس ببذل منه ولا إجابة ، وإنما هو استخبار والنكاح لا ينعقد من جهة الولي إلا بالبذل إن كان مبتدئاً أو بالإيجاب إن كان مجيباً ، وإذا كان كذلك صار ما ابتدأ به الولي من الاستخبار غير مؤثر في العقد ، ويكون جواب الزوج طلباً فلذلك ما افتقر إلى إيجاب الولي ، بأن يعود فيقول : قد زوجتك فيصير النكاح منعقد بالطلب والإيجاب ، وهكذا لو ابتدأ الزوج ، فقال للولي : زوجني بنتك فقال : قد زوجتكها لهم يصح العقد ، لأن ما ابتدأ به الزوج استخبار ، والعقد لا يتم من قبل الزوج إلا بالطلب إن كان مبتدئاً ، أو بالقبول إن كان مجيباً وليس استخباره طلباً ولا قبولاً ، فإن عاد عاد الزوج فقال : قد قبلت تزويجها صح العقد حينئذ بالبذل والقبول ، فهذا حكم العقد باللفظ الماضي في البذل والقبول وفي الطلب والإيجاب .

فصل

وأما عقده باللفظ المستقبل فمثاله : أن بذل الولي أن يقول : أزوجك بنتي فيقول الزوج : أتزوجها فلا يصح العقد بقول الولي ولا بقول الزوج ، لأن قول كل واحد منهما وعد بالعقد وليس بعقد ، ولو كان الزوج قال : قد تزوجتها صار قوله طلباً ، وإن كان قول الولي وعداً فإن عاد الولي فقال : قد زوجتكها صح العقد بالطلب والإيجاب ، ولو بدأ الزوج فقال للولي : أتزوج بنتك فقال الولي : أزوجكها لم يصح العقد بقول واحد منهما ، لأن قول كل واحد منهما وعد بالعقد وليس بعقد ولو كان الولي قال : قد زوجتكها صار قوله بذلاً فإن عاد الزوج ، فقال : قد قبلت تزويجها صح العقد بالبذل والقبول ، وهكذا إن دخل على اللفظ المستقبل حرف الاستفهام فقال الولي : أأزوجك بنتي ؟ أو قال : أأتزوج بنتك ؟ لم يصح العقد بواحد من اللفظين ، لأنه استفهام للوعد فكان أضعف من مجرد الوعد فإن تعقبه من أحدهما ما يكون بذلاً أو طلباً روعي في مقابلة الطلب الإيجاب ، وفي مقابلة البذل القبول .

فصل

وأما عقده بلفظ الأمر فمثاله : إن بدأ الولي أن يقول للزوج : تزوج بنتي ، فيقول الزوج : قد تزوجتها فلا يصح العقد حتى يعود الولي فيقول قد زوجتكها ، ولو بدأ الزوج فقال للولي : زوجني بنتك ، فقال : قد زوجتكها صح العقد ولم يحتج الزوج أن يعيده فيه قبولاً .

والفرق بين ما ابتدأ به الولي من لفظ الأمر أنه لا يصح به العقد ، وبين ما ابتدأ به الزوج من لفظ الأمر أنه يصح به العقد ، أن المراعى من جهة الولي البذل إن ابتدأ ، والإيجاب إن أجاب ، وليس في أمره بذل ولا إيجاب فلم يصح به العقد ، والمراعى من جهة الزوج الطلب إن ابتدأ ، والقبول إن أجاب ، وأمره تضمن الطلب وإن لم يتضمن القبول فصح به العقد وتم بالطلب والإيجاب .