الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص158
على الصغيرة التي اسمها عمرة ، وإن سمى في العقد حفصة ، فلو ميز المنكوحة في بناته بصفتهن فقال : زوجتك بنتي الصغيرة ، الطويلة ، فإن وافقت الصفتان فقد أكد إحدى الصفتين بالأخرى فكان أبلغ في التمييز وإن خالفت الصفات فالنكاح باطل ، لأن كلتا الصفتين لازمتان ، وليس اعتبار أحدهما في تمييز المنكوحة بأولى من اعتبار الأخرى فصارت المنكوحة منهما مجهولةً ، فلذلك بطل النكاح – والله أعلم بالصواب .
أما النكاح فبقوله سبحانه : ( فَانْكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمُ مِنَ النَِّسَاءِ ) ( النساء : 3 ) .
وأما التزويج بقوله سبحانه : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَها ) ( الأحزاب : 37 ) . لأن معناهما في اللغة متشابهان .
أما التزويج فهو ضم شكل إلى شكل ، ومنه قولهم : أحد زوجي الخف وأحد زوجي الحمام إذا أريد واحد من اثنين متشاكلين ، فإن أريد معاً قيل زوج الخف وزوج الحمام ، وأما النكاح ففيه قولان :
أحدهما : أنه كالتزويج ضم شكل إلى شكل ، ومنه كقولهم : أنكحنا الفراء فسوق ترى أي جمعنا بين الحمار الوحش وايتانه فسترى ما يولد منهما .
قال عمر بن أبي ربيعة :
أي لما لم يكن أن يجتمعا لم يجز أن يتناكحا .
والقول الثاني : أنه لزوم شيء ، ومنه قول ابن الماجشون استنكحه المدني أي لزمه فسمى النكاح نكاحاً للزوم أحد الزوجين لصاحبه ، وليس في معنى هاتين اللفظتين غيرهما فصار تعليلهما غير متعد للنص عليهما ، وإذا كان كذلك فالولي والزوج مخيران في أن يعقداه بلفظ التزويج فيقول الولي : قد زوجتك ، ويقول الزوج : قد قبلت تزويجها أو يعقداه بلفظ النكاح فيقول الولي : قد أنكحتك ويقول الزوج : قد قبلت نكاحها ، أو يعقده أحدهما بلفظ النكاح والآخر بلفظ التزويج ، فيقول الولي : قد زوجتك ، ويقول الزوج : قد قبلت نكاحها فيكون العقد بأي هذه الألفاظ عقداً صحيحاً .