پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص155

يملك من المنكوحة إلا الاستمتاع ، وهكذا الجواب عن قياسهم على شراء الإماء ، وأما تعليلهم بنكاح النبي ( ص ) فعنه جوابان :

أحدهما : أنه تعليل يدفع النص فكان مطرحاً .

والثاني : أنه لما خص سقوط المهر جاز أن يكون مخصوصاً باللفظ الذي يقتضي سقوط المهر ثم المعنى في لفظ النكاح أنه صريح فيه ، والبيع والهبة صريحان في غيره .

وأما قياسهم على الطلاق في وقوعه بالصريح والكناية ، هو أن النكاح قد غلظ بشروط لم تعتبر في الطلاق فلم يصح قياسه عليه في تخفيف شروطه على أن النكاح شهادة مشروطة لا تتحقق في الكناية فلم ينعقد بالكناية وليس في الطلاق شهادة مشروطة فوقع بالكناية .

وأما استدلالهم بعقده بالعجمية فشرح لمذهبنا فيه بيان للانفصال عنه وفيه لأصحابنا ثلاثة أوجه :

أحدهما : – حكاه أبو حامد الإسفراييني ، ولم يتابعه عليه أحد – أنه لا ينعقد بالعجمية سواء كان عاقده يحسن العربية أو لا يحسنها كما أن القراءة لا يجوز بالعجمية وإن كان لا يحسن العربية فعلى هذا سقط السؤال .

والوجه الثاني : – وهو مشهور ، قاله جمهور أصحابنا – أنه ينعقد بالعجمية سواء كان عاقده يحسن العربية أو لا يحسنها ، لأن لفظه بالعجمية صريح فخرج عن حكم الكناية بالعربية ، لأن في كناية العربية احتمال وليس في صريح العجمية احتمال ، وخالف القرآن المعجز ، لأن إعجازه ونظمه ، وهذا المعنى يزول عنه إذا عدل عن لفظه العربي إلى الكلام العجمي .

والوجه الثالث : – وهو قول أبي سعيد الإصطخري – أنه إن كان عاقده يحسن العربية لم ينعقد بالعجمية وإن كان لا يحسن العربية انعقد بالعجمية كأذكار الصلاة تجزئ بالعجمية لمن لا يحسن العربية ، ولا تجزئ لمن يحسنها ، فعلى هذا لا يجوز أن يجمع بين حال القدوة والعجز ، والعادل عن صريح النكاح إلى كتابته قادر والعادل عنه إلى العجمية عاجز فاقد .

فإذا قيل بالوجه الأول : أنه لا ينعقد بالعجمية مع القدرة والعجز كان عاقده إذا لم يحسن العربية بالخيار بين أن يوكل عربياً في عقده ، وبين أن يتعلم العربية فيعقده بنفسه .

وإذا قيل بالوجه الثاني : أنه ينعقد بالعجمية مع القدرة والعجز كان عاقده إذا لم يحسن العربية فهو بالخيار إذا كان يحسن العربية بين أن يعقده بالعربية وهو أولى ، لأنه لسان الشريعة وبين أن يعقده بالفارسية وبأي اللسانين عقده فلا يصح حتى يكون شاهداً عقده بعرفانه ، فإن عقده بالعربية وشاهداه عجميان ، أو عقده بالعجمية وشاهداه عربيان لم يجز ، لأنهما إذا لم يعرفا لسان العقد لم يشهدا عليه إلا بالاستخبار عنه فجرى بينهما مجرى الكناية .