پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص154

بالمعروف ، ولكن عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً ، وأن لا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه ، فإن فعلن من ذلك شيئاً فقد حل لكم أن تضربوهن ضرباً غير مبرح ، ألا هل بلغت قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم فاشهد ‘ .

فموضع الدليل من هذا الحديث قوله : ‘ واستحللتم فروجهن بكتاب الله ‘ وليس في كتاب الله إلا لفظ النكاح والتزويج فدل على أنه لم يستحل الفروج إلا بهما ، ويدل عليه من القياس : أنه عقدٌ على منفعة لم ينعقد بلفظ الهبة كالإجارة ، ولأنه عقد معاوضة فلم ينعقد بلفظ الهبة كالبيع ، ولأن لفظ الهبة موضوع لعقد لا يتم إلا بالقبض فلم ينعقد به النكاح كالرهن ، ولأنه أحد طرفي العقد فلم يصح بلفظ الهبة كالطلاق ، ولأن ما كان صريحاً في عقد لم يكن صريحاً في غيره كالإجارة والبيع ، ولأن ما لم يكن صريحاً في النكاح لم ينعقد به النكاح كالإباحة والإحلال ، ولأن هبة المنافع إن لم يكن معها عوض فهي كالعارية ، وإن كان معها عوض جرت مجرى الإجارة عندهم والنكاح لا ينعقد بالعارية ، والإجارة ، فكذلك بما اقتضاهما من الهبة ، ولأن الحقيقة في عقد لو صارت حقيقة في غيره لبطلت حقائق العقود ، لأن لفظ الكتابة تقوم مقام التصريح بالنية وهي مما لا يعلمها الشهود والمشروطون في النكاح إلا بالاختيار فلم ينعقد به النكاح كالإقرار ، ولأن البيع والهبة ينافيان النكاح بدليل أن من تزوج أمة ثم ابتاعها أو استوهبها بطل نكاحها وما نافى النكاح لم ينعقد به النكاح كالطلاق ولأنه لفظ يوضع لإسقاط ما في الذمم فلم ينعقد به النكاح كالإبراء ، ولأنه لو انعقد النكاح بلفظ البيع لانعقد البيع بلفظ النكاح ، وفي امتناع هذا إجماعاً وامتناع ذلك حجاجاً .

فأما الجواب عن قوله : ‘ قد ملكتها بما معك من القرآن ‘ فهو أن أبا بكر النيسابوري قال : وهم فيه معمر فإنه ما روى ‘ قد ملكتها ‘ إلا معمر عن أبي حازم ، وقد روى مالك وسفيان بن عيينة ، وحماد بن زيد ، وعبد العزيز بن محمد الداراوردي ، وفضيل بن سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ زوجتكها بما معك من القرآن ‘ وهذه الرواية أثبت لكثرة عدد الرواة ، وإنهم خمسة علماء ثم تستعمل الروايتين فتحمل رواية من روى قد ‘ زوجتكها ‘ على حال العقد ومن روى قد ملكتها على الإخبار بعقد عما ملكه بالعقد .

وأما الجواب عن قياسهم على أحكام البيع بأنه عقد يقصد به التمليك فهو أن لأصحابنا في عقد البيع بلفظ التمليك وجهان :

أحدهما : لا يصح ، لأن التمليك من أحكام البيع فلم به ينعقد البيع ، فعلى هذا يبطل الأصل .

والثاني : أن البيع ينعقد به ، فعلى هذا يكون المعتبر في انعقاد البيع بلفظ التمليك وجود التمليك فيه على عمومه وقصوره في النكاح على العموم ، لأنه يملك كل المبيع ولا